ADMIN

يوميات فلسطيني … الحكايات غير المروية للمقدسيين

القدس مدينة تقع في قلب أرض فلسطين القديمة، تشرح تفاصيلها يوميات فلسطيني بمكان ينسج فيه الماضي مع الحاضر نسيجًا معقدًا من التاريخ، والإيمان، والثقافة، القدس، المدينة المتنازع عليها منذ آلاف السنين. شهادة حية على روح الإنسانية التي لا تقهر، تشهد أراضيها المقدسة على صعود، وهبوط الإمبراطوريات. والبحث الدائم عن الانسجام في عالم غالبًا ما يكون محفوفًا بالصراعات .

باعتبارها واحدة من أقدم المدن في العالم، تحتفظ القدس داخل جدرانها الحجرية؛ بتاريخ متعدد الأوجه يعود إلى آلاف السنين، من الحضارات القديمة للكنعانيين، والإسرائيليين، واليبوسيين، حتى إلى غزوات الرومان والبيزنطيين والعثمانيين.

 شهدت القدس على صعود، وسقوط حضارات لا حصر لها، ترك كل منها بصمة لا تمحى على شخصيتها، تتجاوز الأهمية التاريخية للمدينة الحدود الدينية، مما يجعلها موقعًا عزيزًا لليهود. والمسيحيين، والمسلمين على حدٍ سواء، داخل حدودها المقدسة، نجد الحائط الغربي، كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى المبارك .

” المسجد الأقصى” أهم معالم مدينة القدس:

أقدس الأماكن في الإسلام، وهو المسجد الذي أسري بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام إليه، والقصة وردت في القرآن، إذ قال الله تعالى في بداية سورة الإسراء “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”. وهو أولى القبلتين، وثالث المساجد التي تشد إليه الرحال بعد المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وبني المسجد الأقصى قبل الميلاد بأكثر من ألفي سنة، فهو ثاني مسجد، وضع في الأرض.

يقع المسجد الأقصى في فلسطين تحديداً في مدينة القدس بالبلدة القديمة، وتصل مساحته إلى 144,000 متر مربع، يشتمل على العديد من المعالم، التي يصل عددها إلى مئتي معلم. كما ظل المسجد الأقصى على مدى قرون طويلة مركزا مهما لتدريس العلوم، ومعارف الحضارة الإسلامية. ومركزاً للاحتفالات الدينية الكبرى، ومكانا لإعلان المراسيم السلطانية وتعيين كبار الموظفين .

يوميات فلسطيني داخل المسجد الأقصى

في قلب البلدة القديمة بالقدس يتواجد المسجد الأقصى. يكتنفه هالة من التبجيل الروحي والأهمية التاريخية . ويقع داخل أسواره القديمة كنز دفين من اليوميات التي تروي التجارب غير العادية لفلسطيني. الذي شهد ارتباطه الثابت بهذا الحرم المقدس مع مرور الوقت، واختلاط المشاعر، تقدم هذه اليوميات، وهي شهادة مقنعة على صمود الناس. وأحلامهم، وتفانيهم الروحي، لمحة حميمة عن الحياة اليومية لمجتمع الأقصى على مدى أجيال.

لإثبات الوجود المقدسي يتهافت الشباب الفلسطينيون على عقد قرانهم في داخل المسجد الأقصى في محاولة كسب أجر الرباط خاصة في ظل التضييق الكبيرعلى المقدسيين. وتهافت المستوطنين على ابتكار طقوس جديدة كان آخرها الاحتفال بمراسم زواج تلمودية في ساحات الأقصى.

إطلالة أكثر تميزاً، يرى منها قبة الصخرة ويسمع صوت الأذان. وأجراس الكنائس، يجتمع المقدسين ليتشاركوا قلب المقلوبة الفلسطينية التي أصبحت رمزا للنصر، وتراث خاص بهم.

 حيث تشتهر المدن الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص مدينة القدس الشريف، بطبق شعبي وهو “المقلوبة”، وهي عبارة عن طبخ اللحم أو الدجاج مع الأرز، مع إضافة العديد من الخضروات، أبرزها، الباذنجان، والبطاطس، والقرنبيط، وبعد نضوجها، يقلب قدر الطهي داخل وعاء مسطح الشكل “سدر”. وتصبح “المقلوبة” جاهزة للتقديم ساخنة. فيصطحبها المقدسين في باحات المسجد الأقصى، وسط الهتافات. والأغاني الثورية الفلسطينية. ويقلبها على مرأى الاحتلال الاسرائيلي الذي حاول ويحاول صد الفلسطينين. ومنعهم من هذه الأجواء.

شاهد على التاريخ:

تقدم اليوميات لمحة فريدة عن حياة أولئك الذين يسمون المسجد الأقصى ملاذهم الروحي، ورمزًا لهويتهم. من صلوات يتردد صداها في قاعاتها القديمة إلى لحظات السكون وسط الفوضى. يعكس كل مدخل العلاقة العميقة بين الناس، والمكان الذي يحمل تاريخهم.

تقدم كلمات الكاتب رؤى مؤثرة للتجارب الحياتية للفلسطينيين داخل حدود المسجد وتسلط الضوء على ارتباطهم العميق بهذا الفضاء المقدس على الرغم من المحن التي يواجهونها.

الإيمان وسط الاضطرابات:

ظلت عقيدة الشعب الفلسطيني مصدرًا مهمًا للقوة، والصمود، وسط المشاكل، والتحديات العديدة التي واجهوها طوال تاريخهم، يلعب الدين دورًا مهمًا في حياة العديد من الفلسطينيين، ويشكل هويتهم الثقافية وقيمهم وشعورهم بالانتماء للمجتمع.

غالبية الفلسطينيين مسلمون، والإسلام جزء أساسي من حياتهم اليومية. وسط الصعوبات الناتجة عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفر إيمانهم إحساسًا بالهدف، والأمل، والمثابرة، تؤكد تعاليم الإسلام على الصبر والمثابرة والصمود في وجه الشدائد، والتي كانت قوة حافزة لكثير من الفلسطينيين في الأوقات الصعبة.

 أما بالنسبة للمسيحيين الفلسطينيين، فإن إيمانهم هو أيضًا مصدر راحة ووحدة، خاصة في بيت لحم، والمناطق الأخرى ذات الأغلبية المسيحية، مدينة بيت لحم، المعروفة باسم مسقط رأس السيد المسيح. تحمل أهمية دينية خاصة للمسيحيين في جميع أنحاء العالم، ويسعى سكانها المسيحيون إلى الحفاظ على إيمانهم وتراثهم.

على الرغم من تحديات عدم الاستقرار السياسي، والتهجير، والصعوبات الاقتصادية، يواصل العديد من الفلسطينيين ممارسة شعائرهم الدينية، وحضور التجمعات الدينية، وممارسة الشعائر، والاحتفالات الدينية، حيث تظل أماكن العبادة بما في ذلك المساجد والكنائس، أماكن عامة أساسية حيث يجتمع الفلسطينيون لإيجاد العزاء، والدعم.

علاوة على ذلك، فإن العقيدة، والثقافة الفلسطينية متشابكة بعمق. وتشكل الممارسات، والتقاليد الدينية المختلفة جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، مما يزيد من تعزيز هويتهم كشعب.

 وفي أوقات الشدة غالبًا ما يكون الإيمان بمثابة ضوء إرشادي للأفراد. والمجتمعات، حيث يمنحهم الأمل والعزم على المثابرة، ودعم بعضهم البعض. والعمل من أجل مستقبل أفضل. إن الصمود جزء من يوميات الفلسطيني. ودليل على إيمانه وسط المشاكل المستمرة.

الاعتداءات داخل المسجد الأقصى:

مثلت مدينة القدس، والمسجد الأقصى تحديداً محور هجمة الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة القوى الدينية اليمينية المسماة بالصهيونية، وجماعات الهيكل، والتي تؤمن بوجود الهيكل. وتعمل على بنائه وهدم الأقصى.

 على الرغم من المعطيات، والحقائق التي تنفي وجوده، وتؤكدها يوميات الفلسطيني، وطريقة تعايشه مع هذه الأحداث، إذ تعتبر بناء الهيكل خطوة ضرورية لنزول السيد المسيح. وذلك على العكس من مواقف التيارات الحريدية الدينية التقليدية. التي تحرم ذلك لاعتبارات دينية، رغم اتفاقها مع جماعات الهيكل على وجود الهيكل، وهذا ما جعل القوى الصهيونية بشن عدة اعتداءات على المسجد الأقصى. واستباحة حرمتها تحت غطاء الدفاع عن الهيكل المزعوم.

البحث عن السلام:

في خضم النضالات، تتحدث يوميات الفلسطيني أيضًا عن الرغبة العالمية في السلام. والتعايش، لذلك كان البحث عن السلام للفلسطينيين رحلة طويلة، ومعقدة. تميزت بمختلف مبادرات السلام. والمفاوضات، والجهود المبذولة لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يهدف السعي من أجل السلام إلى معالجة مظالم. وتطلعات كل من الإسرائيليين، والفلسطينيين، والسعي إلى إيجاد حل مستقر، ودائم يحترم حقوق الطرفين وأمنهما.

تقدم مذكرات يوميات الفلسطيني من داخل المسجد الأقصى منظورًا نادرًا. وحميميًا للتجارب المعيشية لمجتمع ظل مركزه الروحي في قلب الأحداث التاريخية، والسياسية لعدة قرون.  من خلال كلماتهم. نكتسب فهمًا أعمق للتحديات التي يواجهها الفلسطينيون داخل حرم المسجد، والروح الدائمة التي تدعمهم. هذه اليوميات بمثابة تذكير مؤثر بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي. واحتضان التنوع، والسعي من أجل السلام في عالم غالبًا ما يبدو منقسمًا على نفسه. يبقى الموقع المقدس منارة للأمل والإلهام. وستبقى هذه الحسابات الشخصية محفورة إلى الأبد في تاريخ المسجد الأقصى

المسخن الفلسطيني …. أكلة من التراث الشعبي

يعد المسخن الفلسطيني أحد الأطباق الموسمية الذي يتم إعداده من خيرات الطبيعة، كما يعد نموذج لهوية المطبخ الفلسطيني العريق، فهو يعبر الفلسطينيون من خلاله عن كرم ضيافتهم.

 المسخّن ليس طبقًا عاديًا، إنما عبارة عن جزء من التراث الفلسطيني. فحين تملأ البيت رائحة البصل، وترى زيت الزيتون ينسكب بسخاء في الوعاء، وأرغفة خبز “الطابون” تصطف بعناية بانتظار إعدادها وإدخالها الفرن، والدجاج يغلي على النار مع المطيّبات التي تدغدغ شهيتك. وأصابع الأم الطاهية المغرمة تصطبغ بلون السمّاق الأحمر. فاعلم أن المسخّن قيد التحضير.

تاريخ المسخّن:

منذ قديم الأزل يعمل الفلاحون في فلسطين بزراعة الزيتون، ويعتبر وقت الحصاد بمثابة عيد مُبهج يسارعون للاحتفال به، خاصة في وقت صُنع زيت الزيتون؛ ومن هنا ظهرت الوجبة التي تعتمد على زيت الزيتون بشكل كبير.

 وبسبب انشغال الجميع بموسم الحصاد، كان الفلاحون يحضرون الدجاج المشوي والبصل. والفلفل الأخضر مع حبوب القمح، لإعداد وجبة سريعة من خيرات الطبيعة، ثم يوضع عليها زيت الزيتون ليُعطي لها مذاق مميز لا مثيل له.

مكونات المسخن:

يتكون طبق المسخّن بشكل أساسي؛ من مكونات مُعدة من خيرات الطبيعة. حيث يتم تحضيره من الدجاج المشوي، المتبل بالسماق والبصل وزيت الزيتون. وهي نفسها مكونات طبق المسخن، بالإضافة إلى حبوب اللوز المقلية. وخبز الطابون، ثم يضاف إليه البهارات المختلفة، وزيت الزيتون. ويقدم ساخنًا بطريقة تشبه الشطائر أو الساندويتشات.

كما ويُطلق على المسخّن العديد من الأسماء الأخرى. أشهرها اسم (المُحمّر) نسبة للدجاج المحمر، كما يطلق عليه اسم (الرقاق) نظرًا للخبز الرقيق.

رقم قياسي فلسطيني:

بتاريخ 20 نيسان، لعام 2010م سجل (40) طباخ فلسطيني رقما قياسيا جديداً، بتحضيرهم أكبر طبق مسخن في قرية عارورة، ودخلوا كتاب جينيس للأرقام القياسية، ووصل قطر صحن المسخن إلى 4 أمتار، كما بلغ وزنه حوالي 1.35 طن، وقد استخدم في تحضيره حوالي 500 من الدجاج، و170 لتر من زيت الزيتون، و500 كيلوجراماً من البصل، و70 كيلوجراماً من الصنوبر، و50 كيلوجراماً من السماق. واضيف عليه 200 كيلوجراماً من الطحين.

ورغم العالمية التي وصل اليها طبق المسخّن؛ إلا أنه مرتبط بالهوية الفلسطينية الشعبية، ويعبر عن البيئة الزراعية فيه، لكن مع التطور تحول إلى طبق عالمي، وانتشر في معظم أرجاء العالم. لكن رغم ذلك يظل مرتبطًا بفلسطين. وأهلها على مدار التاريخ.

تطور المسخن:

وعن إدخال الإضافات إلى هذا الطبق الشعبي الفلسطيني، تقول كيلاني: “تطور المسخّن قليلا هذه الأيام تماشيا مع إيقاع الحياة السريع، فأصبح المسخّن على شكل “رولات” ملفوفا بخبز رقيق ومصفوفا في صينية صغيرة، ويقدم كمقبلات”.

لكنها ترى ذلك تقليد غير موفق لأكلة تراثية من صميم المطبخ الفلسطيني الأصيل، معلقة: “المسخّن يعني أن تُغرق أصابعك بزيت الزيتون، وتصطبغ باحمرار السماق، يعني إشباعا لحواسك. واجتماعاً مع أحبتك، وتجربة لطعم أصيل تتوق إليه باستمرار”.

معلومات غذائية:

تحتوي كل وجبة مسخّن أو محمّر على المكونات الغذائية التالية:

السعرات الحرارية: 1292 سعرا

البروتين: 59 غراما

الكربوهيدرات: 77 غراما

مجموع الدهون: 82 غراما

منها المشبعة: 13 غراما

الكوليسترول: 151مليغراما

الخاتمة:

إذا سألت فلسطينيا عن أشهر وأشهى أكلاتهم أول ما سيخبرك به هو طبق المسخن، وستكون محظوظا إذا دعاك إلى تناوله، وإذا صادفت فلسطينياً مغترباً أول ما سيحدثك عنه هو اشتياقه إلى طبق المسخن بالطريقة الفلسطينية الأصلية. وليست تلك التي تبيعها المحال. والمطاعم. الهوية لا تتغير ويجب علينا عدم تغيير أصل الطبق.

الدحية الفلسطينية …. لون فني بدوي من التراث الفلسطيني

الدحية الفلسطينية التراث الفلسطيني هو الاغنى في الساحة العربية من حيث الدبكات، والرقصات الشعبية؛ وبذلك تعد هذه الفنون جزءً لا يتجزأ من حضارة وتاريخ المنطقة. وتعبر عن الحضارات المشتركة التي تربط كل منطقة جغرافية بأخرى.

 ويرصد منها رقصة الدحة او الدحية، التي تعتبر من الفنون البدوية القديمة. ومحسوبة على أهل الشمال، نقول فيها كلمات، وعبارات لا تكون مفهومة خاصة للذين لم يعيشوا حياة البداوة او البدو.

فقديما كانت بدون موسيقى. وكانت تمارس قبل الحروب من باب تحفيزي؛ لإثارة الحماسة، ورفع المعنوية ومن ثم أصبحت عادة تمارس في المناسبات، والاعراس، والاحتفالات.

نشأة الدحية…

لو نتكلم عن أصل الدحية. ففي قصة متداولة أن هناك قافلة من قوافل الحجاج كانوا قلة. وجدو لصوص يراقبونهم، وهم نائمون بالليل فأوجسوا منهم خيفة؛ فاتفقت هذه المجموعة أن يقوموا بالتصفيق. ويصدرون أصوات كهدير الجمال لكي يعرفون اللصوص انهم كثر فيخافون، وفعلا نجحو في طرد اللصوص بهذه الطريقة ثم انتشرت الدحة كرقصة شعبية.

 اما الفئة الثانية تقول ان الدحية انتشرت في هذا العصر. وهي مجرد لعبة ليس لها أي تاريخ، مثل اللقطة   و”العرضة”، و”الدبكة”، وليست مقتصرة على قبيلة معينة بل تلعبها جميع قبائل شمال الأردن، وفلسطين.

كيفية أداء الدحية …

تؤدى بشكل جماعي من خلال اصطفاف الرجال بصف واحد، أو صفين متقابلين، ويغني الشاعر، أو “البداع”، المتواجد في منتصف أحد الصفين قصيدته المغناة؛ وهي كلمات بدوية تراثية. أحيانا يتواجد “الحاشي” او المحوشي أمام الصف أو بين الصفين، ويقوم برقصة المحوشي “المحوشاه”.

 الدحية تتميز بالحماس في أدائها الحركي. والتنفسي حتى يتمكن من مجاراة باقي المشاركين، ويستعمل التصفيق كلون ايقاعي.

تطور رقصة الدحية في العصر الحديث…

شهدت الافراح في فلسطين في الآونة الأخيرة اختلافاً في طريقة الاحتفال. وفي الأنغام المتعارف عليها في الحفلات، والمناسبات، حيث اجتاحت الدحية البدوية هذه الافراح. وأصبح لا يمر فرح او مناسبة الا وكانت الدحية حاضرة.

  يدل عل التمسك بالتراث، والاصالة مع بعض الإضافات الحديثة خاصة من ناحية الآلات الموسيقية التي لم تكن موجودة سابقاً، وهي ما أدى الى المزج بين القديم، والحديث على أنغام رقصة الدحية. ظهرت في فلسطين مؤخرا فرق موسيقية عدة تؤدي أغاني الدحية بأسلوب جديد يعتمد على الموسيقى، كما ظهرت مغنية فلسطينية بدوية من شمال فلسطين تؤدي هذا النوع من التراث في الحفلات.

ورغم أنها موروث شعبي قديم؛ إلا انها انتشرت بسبب التحديثات التي ادخلها بعض الشباب البدوي عليها، فصارت فنا تراثياً يربط بين القديم، والمعاصر، وانتشرت الفرق الحديثة التي تؤدي الدحية وكثر اقبال المتزوجين الجدد عليها. لأنها تقدم الألوان الشعبية التراثية المرتبطة بالأصالة. كما ان تكلفتها المادية اقل من الفرق التي يشارك فيها فنانين كبار.

وجهة نظر الشارع الفلسطيني في الدحية…

تشهد حفلات الدبكة والدحية اقبالا كبيرا من المواطنين. لمشاهدة تراث فلسطيني تعودوا على مشاهدته في مثل هذه المناسبات، في صورة تعكس تعلق الفلسطيني بتراثه، وارضه، ووطنه.

واجتاحت الدحية البدوية في الآونة الأخيرة الافراح. والمناسبات وصارت بعض المحلات، والسائقين، والباعة يشغلون مكبرات الأصوات بها لجلب الزبائن، والمواطنين اتجاه البضائع، والسلع.

لا تخلو حفلات الدحية من الموضوعات السياسية. والاجتماعية خاصة القضايا الفلسطينية مثل قضية الاسرى، والقدس، الأمر الذي أدى إلى إقبال شريحة كبيرة على هذا الفن. والتعامل معه، لأنه من الحياة اليومية للشارع الفلسطيني.

الخاتمة..

ستظل الدحية فن أصيل مستساغ من الناحية الجمالية من كافة الأطياف الفلسطينية، والفئات العمرية، وعدم اقتصاره على شريحة الأخوة البدو، بل تجده في كل مكان على الرغم من وجود التغيير عليها بما يتناسب مع العصر، كما أن الفلسطينيين يحرصون على توريث تراثهم الشعبي من جيل الى اخر. خوفا عليه من الطمس والضياع. وحفاظا على هويتهم من الاندثار.

تاريخ فلسطين… شكله فكرها ومواقفها وعلاقاتها

بوصفها أرضًا ذات تاريخ غني وتراث عريق، يتجسد تاريخ فلسطين؛ كواحدة من أكثر المناطق انقسامًا وتنوعًا سياسيًا، وثقافيًا في العالم. تعد مواقفها المتعددة من القضايا السياسية، والاجتماعية مصدرًا للانقسام والجدل، خاصة فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني الطويل الأمد، تاريخها المعقد يشمل صراعات واتفاقيات، مما يجعلها موضوعًا مثيرًا للاهتمام والتحليل.

تاريخ فلسطين:

 يرتبط تاريخ فلسطين بشكل وثيق بعلاقاتها مع الدول العربية المجاورة، منذ فترة ما قبل تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948م وحتى اليوم، شهدت فلسطين علاقات مع مجموعة متنوعة من الدول العربية التي تأثرت بالأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية في المنطقة، تمثلت هذه العلاقات في عدة مراحل.

الفترة قبل 1948م: كانت العلاقات بين فلسطين، والدول العربية قائمة على الروابط الثقافية، والاقتصادية والاجتماعية، تشجع العائلات، والقبائل على التبادل بين الأراضي والمدن، وكان هناك تواصل وثيق بينهم.

النكبة 1948م: بعد تأسيس دولة إسرائيل، والنزوح الجماعي للفلسطينيين، شجبت الدول العربية هذه الأحداث، وشنت حروبًا عديدة مع إسرائيل، تعبر هذه المرحلة عن تجاوب الدول العربية مع الوضع وسعيها لدعم الفلسطينيين.

ما بعد النكبة: شهدت العلاقات بين فلسطين، والدول العربية تطورًا مستمرًا. حيث تم التركيز على تقديم الدعم السياسي، والمالي للقضية الفلسطينية، تأثرت هذه العلاقات بالأحداث الإقليمية مثل حروب الستينيات والسبعينيات.

شهدت فلسطين تطبيعًا نسبيًا مع إسرائيل من خلال اتفاقيات أوسلو 1990م: تأثرت العلاقات مع الدول العربية بتلك الاتفاقيات، وشهدت بعض الدول تحسينًا في العلاقات مع إسرائيل ما بعد اتفاقية أوسلو.

ما بعد أوسلو: على الرغم من توقيع اتفاقيات السلام. استمرت العلاقات مع الدول العربية في التأثر بتطورات الصراع، وعدم تحقيق حلاً دائمًا للقضية الفلسطينية.

تُظهر هذه المراحل كيف تأثرت علاقات فلسطين مع الدول العربية المجاورة بالأحداث التاريخية، والسياسية في المنطقة، وكيف تواجه التحديات، والتغيرات على مر الزمن.

الفكر الفلسطيني

 قديماً كان يتميز بتنوعه وتعدد آرائه وتوجهاته، مما يعكس الخلفية الثقافية، والتاريخية المتنوعة لشعب فلسطين، فكان الفلسطينيون يعتزون بهويتهم، و تاريخ فلسطين العريق، وكانت الأرض، والتراث محوريين في الفكر الوطني.

 كانت قضية الهوية، والانتماء تُبرز بقوة في الأدب والشعر والفن، كما شهد الفلسطينيون تحديات كبيرة على مر العصور من خلال الغزوات، والاحتلالات المتتالية، وعلى مر الزمن طوّر الفلسطينيون ثقافة المقاومة والصمود كجزء من الهوية الوطنية.

شهدت فلسطين في الفترة العثمانية، ما قبل الانتداب البريطاني، نهضة ثقافية حيث ازدهرت المدارس، والجامعات والمؤسسات الثقافية.

تُظهر هذه الفترة التركيز على التعليم وتطوير المعرفة، أما في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، نشأت مفاهيم سياسية تدعو إلى حقوق الفلسطينيين، وتحقيق السيادة، كما ظهرت أيضًا أفكار حول تشكيل هيئات تمثيلية ووحدات وطنية.

خلال القرن العشرين، تطورت الفكرة القومية الفلسطينية، وتحولت إلى حركة تطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث شهدت الحركة تنوعًا في الأفكار، والتوجهات السياسية، والاجتماعية.

تُظهر هذه الجوانب كيف أن الفكر الفلسطيني قديماً كان متعدد الأوجه. ومرتبطًا بالتاريخ والثقافة والتحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني على مر العصور.

الاقتصاد الفلسطيني قبل النكبة:

شهدت فلسطين قبل نكبة الحرب ١٩٤٨م فترات من الازدهار، والانتعاش الاقتصادي في بعض المجالات، وذلك نتيجة لعدة عوامل تشمل الزراعة. والتجارة، والصناعة. حيث كانت الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية في فلسطين قبل النكبة. لذلك تنوعت المحاصيل من حبوب، وفواكه. وخضروات. وتأثر الاقتصاد بموارد المياه المتاحة. فتم تصدير الزراعة إلى الدول المجاورة والأسواق العالمية.

 شهدت مدن فلسطين الرئيسية مثل يافا، وحيفا. والقدس نشاطًا تجاريًا حيويًا. كانت الأسواق، والورش الصناعية تلعب دورًا في تحفيز النشاط الاقتصادي. وتوفير فرص العمل.

  كما أسهم تدفق المهاجرين من مختلف البلدان إلى نمو السكان والاقتصاد. كان الاستيطان اليهودي يؤدي أيضًا إلى تطوير بعض الصناعات. والبنى التحتية.

 كما تأسست منظمات، وجمعيات اقتصادية تهدف إلى تعزيز التجارة. وتطوير البنية التحتية، مما ساهم في دعم الازدهار الاقتصادي، كانت التحولات السياسية تؤثر في الوضع الاقتصادي. مثل الاستعمار البريطاني والتوترات القومية والدينية.

يجدر بالذكر أن هذه الفترة لم تكن خالية من التحديات. والمشكلات. وكانت هناك عوامل سلبية أيضًا تؤثر في الوضع الاقتصادي، على الرغم من ذلك يظهر الازدهار، والانتعاش الاقتصادي كجزء من تاريخ فلسطين قبل النكبة.

الكرم والنخوة الفلسطينية:

تبرز النخوة الفلسطينية دوماً بمواقفها البطولية. والإنسانية، قبل حدوث النكبة عام 1948م، كانت تتمتع فلسطين بانتعاش اقتصادي كبير. ساهمت بمساندة الكثير من الدول الأخرى مثل السعودية ومصر. ويعكس ذلك علاقات تاريخية، وتضامنية قوية، كمساندة تُجار الخليل للفقراء السعودين داخل المملكة. تبرع امرأة فلسطينية لبناء مسجد في المدينة المنورة.

بالرغم من تدني الاقتصاد، والوضع المعيشي الصعب بعد سيطرة الإحتلال الإسرائيلي إلا أن النخوة الفلسطينية لم تُخمد، بل تبرعت فلسطين بربع مليون دولار امريكي للدول المتضررة من الزلازل؛ كتركيا وسوريا عام 2023م.

هذه الروابط والتعاون القبلي للفلسطينيين مع الدول العربية يبرزون الروح التضامنية والنخوة الوطنية، وكانت هذه العلاقات تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الروابط بين الشعوب قبل حدوث الأحداث التاريخية التي أدت إلى النكبة.

 ختاماً، يمكن القول إن مواقف فلسطين العربية تشكل جزءًا لا يتجزأ من المشهد الإقليمي والدولي، لذلك تاريخها المليء بالتحديات، والصراعات يظهر بوضوح التصميم الفلسطيني على تحقيق العدالة والحرية.

مواقفهم العربية تعكس روح التضامن. والتعاون بين الشعوب العربية. حيث يسعون لدعم قضايا بعضهم البعض، وتحقيق الاستقرار، والتقدم. ومع تعقيدات الوضع الإقليمي.

 يبقى التواصل والتعاون الثنائي بين فلسطين. وباقي الدول العربية أمرًا ضروريًا لمواجهة التحديات المشتركة، والسعي نحو مستقبل أفضل. لذا يمكن القول بأن مسار القضية الفلسطينية مستمر في تطوره وتغيره. لكن الهدف النهائي للعيش بسلام، وكرامة في دولة فلسطينية مستقلة لا يزال هو الهدف المشترك للشعب الفلسطيني والأمة العربية بأسرها.

“سميح القاسم” … أديب وشاعر الثورة الفلسطينية”

يعكس الأدب تجربة وهويّة الشعب الفلسطيني منذ فترة طويلة، يتجلى هذا في شتى أشكال الكتابة الأدبية مثل الشعر، والرواية، والمسرح، والقصة القصيرة، وكان سميح القاسم أحد أبطالها.

 يعمل على استخدام اللغة، والأدوات الأدبية ليعبّرعن تفاصيل، ومشاعر الحياة، والنضال، والتحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني، كما تعد قضية فلسطين المركزية في أعمال الأدب الفلسطيني. حيث يتناول الأدباء قضايا الاحتلال، والتهجير والهوية بأساليب متنوعة، حيث يُظهر معاناة الشعب الفلسطيني، ومعركته من أجل الحرية والعدالة.

يأخذ الأدب الفلسطيني أيضًا دورًا في الحفاظ على التراث، والثقافة الفلسطينية، فيسعى للحفاظ على الهوية والروابط مع التاريخ، والأرض، وذلك من خلال تناول المواضيع التراثية، والقصص التقليدية. وبفضل المبدعين، ينجح الأدب الفلسطيني في إلقاء الضوء على قضية الشعب الفلسطيني على الصعيدين الوطني والدولي، ويسهم في بناء وعي الجماهير، ونشر الوعي بحقوق الشعب الفلسطيني، وبهذه الطريقة يبقى الأدب الفلسطيني شاهدًا على مسار النضال، والأمل لهذا الشعب المستمر في مواجهة التحديات، والصراعات

وسط عالم الأدب العربي، يبرز اسم الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم كنجم ساطع ينير سماء الكلمة بألوان من الأمل والمعاناة، بألحان شعره القوية، وكلماته العميقة، استطاع سميح القاسم أن يخلق لنفسه مكانة متميزة في قلوب القرّاء وأذهانهم، تعبيرًا عن الفلسطينية، والإنسانية، تركّز أعماله الشعرية على تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني والنضال من أجل الحرية .

الحياة والمسيرة:

ولد “سميح القاسم” لعائلة درزية فلسطينية في مدينة الزرقاء الأردنية. تعلّم في مدارس الرامة والناصرة، وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي .

 ” حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي “

مقولة القاسم التي جعلت منه شخصا أخر، حيث يروي أن والده كانَ ضابطاً برتبةِ رئيس في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم، حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلى فلسطين في القطار في غمرة الحرب العالمية الثانية، ونظام التعتيم. بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب. وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية؛ وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى آن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً في نفسه وقال هذه العبارة .

ارتبط مسمى شعر الثورة والمقاومة بالقاسم، حيث يتناول في شعره الكفاح، ومعاناة الفلسطينيين التي طالت، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة، واسعة في العالم العربي.

 ولم تهمد الملاحقة والاعتقال له حتى بالرغم من أن حبره هو الذي يحارب، فسُجن القاسم أكثر من مرة، ووُضِعَ رهن الإقامة الجبرية، والاعتقال المنزلي، وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل. في الوطن وخارجه.

 لم يمكث “سميح القاسم” طويلا حتى عمل معلماً، وعاملاً وصحفياً. وساهم في تحرير صحيفة الغد والاتحاد، لكن روحه الأدبية لم تهمد فعاد للعمل محرراً أدبياً في الاتحاد وسكرتيراً. فيما بعد أسس منشورات “عرسك في حيفا” مع الكاتب عصام خوري

الشاعر والقصائد:

يجسّد القاسم من خلال قصائده عمق الإحساس وروح النضال، مع كلماته التي تعبّر عن الألم، والأمل والحب للوطن، يتميز أسلوبه الشعري بالجمال والرقي، حيث يمزج بين الواقعية، والرمزية.

 ليصوغ قصائد تترك أثرًا عميقًا في نفوس القرّاء. تنتمي أغلب قصائد القاسم إلى فترة نضال الشعب الفلسطيني، وتتناول معاناة الشعب تحت الاحتلال وتهجيره، مع تسليط الضوء على الصمود والإصرار .

 أثرت قصائد سميح القاسم في الأدب العربي، والفلسطيني بشكل كبير، حيث أصبح صوتًا يعبّر عن مشاعر، وآمال الكثيرين، ولمدى شهرة قصائده وأعماله الأدبية تم ترجمة أكثر من قصيدة له للغة الفرنسية والانجليزية. والتركية، والروسية، والألمانية، والاسبانية، واليونانية، والتشيكية، والفارسية، والعبرية. كما حصد على العديد من الجوائز العالمية من دول كثيرة منها اسبانيا وفرنسا، وها نحن اليوم نحتفي بهذا الشاعر. ومن أفضل قصائده :

قصيدة الجنود:

” يا مرحبا.. جاءكم السلام نحن على الحدود
نحن على الحدود.. لا ننام
أكُفُّنا لصيقةٌ على مقابض الحديد
عيوننا ساهرةٌ.. تجود في الظلام “

قصيدة عروس النيل:

” فاستيقظوا يا أيها النيام..
ولْنبني السدود قبل دهمة الزلزال
تنبهوا.. بهذه الجدران
تنزل فينا من جديد نكبة الطوفان
لمن تُزَيّنونَها.. حبيبتي العذراء
لمن تبرّجونها ؟ “

قصيدة تعالي لنرسم معا قوس قزح:

” يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين؟ “

التأثير والإرث:

تاريخ سميح القاسم يمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الفلسطينيين وتجربتهم في مواجهة الاحتلال، والتهجير، وإلى جانب هذا التاريخ الملحمي، يرسم إرثه خطًا مشرقًا في عالم الأدب، والثقافة العربية. حيث تتأثر الأجيال الجديدة بقصائده ورواياته المؤثرة .

 عاش سميح القاسم من طفولته في فترة تعرّض فيها الشعب الفلسطيني لتحديات كبيرة، كالتهجير في عام 1948 إلى الصراعات المستمرة، والواقع الذي يشاهده بكل حسرة، تشكلت شخصيته. وإبداعاته تحت ظروف صعبة، ما منحه قدرة فريدة على التعبير عن الألم. والأمل في قصائده. أما إرث القاسم فيتجاوز حدود الزمن والمكان، حيث بقيت أعماله الشعرية والروائية تستمر في لمس قلوب القرّاء عبر الأجيال، أثّر ذلك بشكل كبير على الأدب الفلسطيني، والعربي، حيث أصبح مرجعًا للنضال والثقافة. تعبر قصائده عن مشاعر الفقد، والصمود، وتجسّد روح العزيمة، والأمل في مواجهة الصعاب.

تحمل قصائد، وكتابات القاسم رسالةً قويةً عن القوة الإنسانية في وجه الظروف الصعبة، فهو يعلمنا بأن الكلمة، والفن يمكنهما تغيير الواقع، وتحفيز التغيير، تمثل أعماله التواصل بين الأجيال، وتركّز على قيم الحرية والعدالة، وبصفته شاعرًا وروائيًا، أسهم سميح القاسم في بناء وتعزيز الهوية الفلسطينية ونضالها. يستمر إرثه في إلهام الناس، مع مراعاة تاريخ الشعب، والقضية الفلسطينية كمصدر لإلهامه، وإبداعه .

ختاما:

يظهر القاسم واضحًا أنه ليس مجرد شاعر وكاتب. بل رمزًا للنضال والإبداع، وصوتًا يعبر عن معاناة وأمل شعبٍ كان يحمل عبء الاحتلال والتهجير. ترك القاسم وراءه إرثًا ثقافيًا وأدبيًا يمتد عبر الأجيال، والذي ما زال يستمر في تحفيز الأفكار والمشاعر.

قصائده العميقة ورواياته المؤثرة تركت بصمة في قلوب الناس. وساهمت في بناء الوعي الجماعي بالقضية الفلسطينية، وقضايا العدالة والحرية، تجسد أعماله التواصل بين الأجيال. وتركّز على القوة اللافتة للنظر للكلمة، والفن في التغيير والتحول.

 فسميح القاسم ترك بصمة فريدة في عالم الأدب العربي. حيث أصبحت أعماله مصدر إلهام للكتّاب والشعراء والمثقفين، تبقى أشعاره تجذب القلوب بجمال ألحانها، وقوة رسائلها تذكرنا إرثه دائمًا بأهمية استخدام الكلمة. والفن كأدوات للتعبير عن المشاعر. والتجارب، وكذلك لنشر الوعي والتأثير في المجتمع.

الشعب الغزاوي… حب لا يقاوم للطعام الحار

الشعب الغزاوي… حب لا يقاوم للطعام الحار لقد استحوذ الطعام الحار على براعم التذوق لعدد لا يحصى من الأفراد حول العالم، مما أثار شغفًا يمكن وصفه بأنه ليس أقل من إدمان.

 أحد هؤلاء الأشخاص الذين ارتقوا بعلاقة الحب هذه إلى آفاق جديدة الشعب الغزاوي، الخبير المتميز لكل الأشياء الحارة، أصبح افتتان الغزاوي بالمطبخ الناري أسطوريًا. مما ترك الكثيرين في حالة من الرهبة من تفانيهم الراسخ في البحث عن أفضل الأطباق.

بدايات باحث عن الحرارة:

بدأت رحلة غزاوي إلى عالم الأكل الحار في طفولتهما المبكرة. نشأ الغزاوي في بيئة غنية ثقافيًا. وتحيط بها النكهات النابضة بالحياة. والتوابل العطرية، طور حنكًا يتوق إلى إثارة الحرارة.

 ترك لقاءهم الأول مع الفلفل الحار علامة لا تمحى، مما أشعل الشغف الذي سيرافقهم طوال حياتهم، منذ تلك اللحظة انطلق الغزاوي في مهمة لاستكشاف عالم متنوع ومتعدد الأوجه من المأكولات الحارة.

ريادة طهي الطعام الحار:

شغف الشعب الغزاوي بالطعام الحار دفعهم إلى دور رائد الطهي. لقد كرسوا ساعات لا حصر لها؛ لتجربة تركيبات التوابل الفريدة، وشحذ مهاراتهم في المطبخ.

 ودفع حدود الوصفات التقليدية من خلال مساعيهم الإبداعية، بعث الغزاوي حياة جديدة في عالم المأكولات الحارة، وقدم أطباقًا مبتكرة ورفع تجربة الطهي لأنفسهم وللآخرين الذين يشاركونهم حماسهم.

ما وراء الإحساس الجسد:

بالنسبة للشعب الغزاوي، يمتد حب الطعام الحار إلى ما هو أبعد من الإحساس الجسدي، إنهم يرون التوابل كعنصر تحويلي يضيف عمقًا وتعقيدًا للطبق، ويرفعه إلى آفاق جديدة.

 التفاعل بين الحرارة، والنكهات الأخرى في طبق حار معد جيدًا هو شيء يجده الغزاوي آسرًا حقًا، لا يتعلق الأمر فقط بمطاردة أكثر الأحاسيس سخونة يتعلق الأمر بتذوق النكهات المعقدة التي يقدمها الطعام الحار.

مجتمع طالبي الحرارة:

لقد ربط حب الشعب الغزاوي حب لا يقاوم للطعام الحار. بمجتمع متنوع من الباحثين عن الحرارة، الأفراد الذين يشاركونهم شغفهم بكل الأشياء النارية، لقد شاركوا في تحديات تناول الفلفل الحار، وحضروا مهرجانات الطعام الحار، وحتى تواصلوا مع زملائهم المتحمسين عبر الإنترنت لتبادل الوصفات. والتوصيات والقصص عن مغامراتهم الحارة التي لا تنسى. لقد عزز هذا الإحساس بالانتماء إلى المجتمع بيئة من الصداقة الحميمة، حيث يتم الاحتفاء بحب الغزاوي للأطعمة الغنية بالتوابل، واحتضانها.

القدرة على تحمل:

يكمن التحمل في صميم حب الغزاوي للطعام الحار، سعيهم الدؤوب للحصول على أطباق أكثر سخونة، وتحديًا جعلهم يتغلبون على عقبات هائلة من شأنها أن تترك معظم الآخرين يلهثون للراحة.

 رحلة الغزاوي لا تقتصر على البحث عن المتعة فحسب، بل تختبر أيضًا حدودهم الخاصة وتجاوزها، مما يثبت أن الروح البشرية يمكن أن تنتصر على الشدائد، حتى في مواجهة الحر الشديد.

حتى وقت قريب كانت هناك نكتة شعبيّة معروفة انتشرت بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وبدء المرحلة الأولى المعروفة باتفاق غزّة – أريحا عام 1994.

 تقول النكتة إنّ شعار السّلطة الفلسطينيّة سيتكون من قرنيّ فلفل وموزة. في إشارة إلى موز أريحا، وفلفل غزّة، وبالرغم من أنّ هذه نكتة؛

إلا أنّ في اشتهار غزّة بالفلفل رمزيّة تحيل إلى وضع غزة السياسيّ والمعيشيّ الحرّاق دائماً. على اختلاف العصور، والمراحل السياسية، والحروب التي مرت على غزة. أدت إلى صعوبة الأوضاع أكثر فأكثر على مر العصور.

يمكنك مشاهدة الحلقة كاملة على اليوتيوب:

الزغاريد والمهاهاة … في الثقافة الفلسطينية

تشتهر فلسطين بتراث ثقافي غني، ومتنوع يمتد عبر العصور، حيث تمثل العادات جزءًا لا يتجزأ من تلك الهوية الفريدة، مثل “الزغاريد والمهاهاة” إنّ العادات الفلسطينية تمثل عبورًا زمنيًا. ومكانيًا يجمع بين التاريخ. والثقافة، وتسلط الضوء على قيم، وتقاليد متعددة تعبر عن هويتها وروحها الفريدة.

 من مراسم الأعراس التي تُنظَّم بألوانها الزاهية وتفاصيلها الدقيقة، إلى الزغاريد التي تعكس مشاعر الفرح، والاحتفال في المناسبات، وصولًا إلى تقاليد الضيافة التي تشهد على كرم الفلسطينيين، واهتمامهم بضيوفهم، كل هذه الجوانب تمثل أطيافًا مختلفة من التراث الفلسطيني العريق.

تتجلى عادة الزغاريد، والمهاهاة في أعياد الفرح. والمناسبات السعيدة في الثقافة الفلسطينية كوسيلة فريدة للتعبير عن البهجة والسرور، تعكس هذه العادة جوهر روح التضامن. والمشاركة المجتمعية بطريقة مميزة ومفعمة بالحماس.

الزغاريد والمهاهاة: أصوات تعبيرية تهز الأجواء

أصوات عالية ومتقطعة تنطلق من صدور النساء، والفتيات بتحريك اللسان على جانبى الأيمن، والأيسر، بشكل متتابع، مع إخراج الهواء من الحلق بقوة. ويمكن الاستعانة باليد، في المناسبات السعيدة كالأعراس والولائم، أو في المناسبلت الحزينة كتوديع الشهداء والأسرى، إن تلك الأصوات الشجية تشكل لحنًا فريدًا يزين الأجواء. ويُعبِّر عن مدى سعادة الحضور أو فخرهم واعتزاهم.

المهاهاة الفلسطينية

 لون غنائي قديم من رموز التراث الشعبي الفلسطيني مقصور على النساء فقط، يغنى في الأفراح والمناسبات السعيدة، ولها معنى نابع من التراث وواقع الإنسان القروي، وحتى المدني الفلسطيني. ولكل موقف مناسبته وشكله ومعانيه، وهناك مهاهاة للمفاخرة، ولخطبة العريس، وللزواج، والطهور، وقدوم الضيوف، ووقت عقد القران وتلبيسة العريس.

 الأصل التاريخي للزغروته والمهاهاة

يحكى أن النساء فى فترة الجاهلية كانوا يرافقون الرجال إلى ساحة المعركة بالزغاريد، والاغنيات وذلك لإثارة الحماس بداخلهم مع قرع الطبول والدفوف.

أقاويل أخرى تقول إن النساء، كن يقومن بالزغاريد الجماعية كغناء للألهة لطلب الغوث، والعون وسقوط المطر، ويطلق على الزغرودة فى الهند اسم “جوكار”. وتعتبر إحدى الموروثات القديمة. ويعود أصلها لولاية بنغال في شرق الهند. ويعتقد الهنود أن الزغرودة تعمل على طرد الطاقة السلبية من الجسم، باعتقاد أن أثناء تحريك اللسان على الجانبين تطلق سهام من الداخل لتكسر الحسد الذى تعرض له الإنسان. وبالتالى تولد الطاقة الإيجابية بداخله. ” medium “.

رمزية الزغاريد والمهاهاة

” تواصل بين الأجيال وتأكيد للروح الوطنية “

تتجاوز عادة الزغاريد، والمهاهاة الجوانب الموسيقية، وتُظهِر بوضوح رمزية ثقافية واجتماعية، تمثل هذه العادة تواصلًا بين الأجيال، حيث يتم تعلمها. ونقلها من الأم إلى الابنة، مما يجعلها عبارة عن وسيلة لنقل التراث الثقافي

وفي سياق الهوية الوطنية، تعكس قوة روح الشعب الفلسطيني واحتفاءه باللحظات السعيدة رغم التحديات التي يمر بها. إن هذه العادة تمثل تجسيدًا للمجتمعية. وروح الوحدة، والصمود.

الزغاريد والمهاهاة تعزز الأجواء الاحتفالية:

” تعزيز للأجواء الاحتفالية “

في الأعراس، والمناسبات الخاصة، تساهم عادة الزغاريد. والمهاهاة في تعزيز الأجواء الاحتفالية، وإضفاء جو من البهجة والفرح، تُضيف هذه الأصوات لمسة مميزة إلى المشهد. مُحفِّزةً المشاركين على الاندماج والاستمتاع باللحظة.

زغاريد، وألحان تراثية تجمع بين الفرح، والهوية في احتفالاتهم، يشعر الفلسطينيون بأهمية عادة الزغاريد والمهاهاة التي تجسِّد التراث، والهوية والروح الوطنية، إنها عادة تترجم فرحة الشعب الفلسطيني وترسخ التواصل والتضامن، يستمر تراث الزغاريد والمهاهاة في العيش في قلوب. وأصداء النساء الفلسطينيات كتجربة مشتركة تتخطى الزمان والمكان. 

ظريف الطول ..قصة أغنية انتشرت في الوطن العربي

ظريف الطول ..قصة يحيكها التراث عن شاب من قرية فلسطينية، صار رمزاً للنضال، وحب الوطن، وهب كل ما يملك من أجل محبوبته الأولى فلسطين، رغم كل ما كان حوله من أبواب ليستقر إلا أنه كان مقاوماً قبل كل شيئ.

أصل الأغنية:

هي أغنية تراثية فلسطينية توارثتها الأجيال من الأجداد، استخدمت في كتابتها اللهجة المحكية، ووصف بطلها بظريف الطول.

ظريف الطول هو شاب فلسطيني مهيوب، عرف بوسامته وطوله المزيون، كان يعمل في قرية فلسطينية عند محل نجارة يطلق عليها اسم أبو حسن، وذلك على ذمة ما تم تناقله عبر الروايات الفلسطينية المحكية.

وتشهد له كل أهل قريته بوسامته، وأخلاقه وشجاعته، فكان حلم لكل أم فلسطينية داخل القرية أن تزوجه إبنتها، فذهبت زوجة المختار، وزوجة إمام الجامع إلى محل النجارة بغرض تفصيل خزانة للملابس، وصندوق خشب حتى تلفت كل منهما نظره لابنتها فيتزوجها.

 لكنه لم يلتفت الي هذا كله، كان حب فلسطين محفور في قلبه جعله لا يهتم بكل أمور الحياة او حتى إلى بنات القرية.

 حتى إمام الجامع جعله موضوع. ومحور من محاور خطبة الجمعة فذكره على سبيل التلميح.

دليل حبه للوطن:

في إحدى الأيام هاجمت العصابات الصهيونية القرية، ونشبت معركة، واستشهد على إثرها ثلاثة شبان من القرية، وغادر ظريف الطول القرية لمدة أربعة أيام ثم عاد في الليلة الأخيرة دون أن يراه أحد يحمل معه خمس بنادق.

مر شهر حتى هاجمت العصابات الصهيونية القرية مجدداّ. ونشبت بينهم معركة شرسة قام فيها  بتوزيع البنادق على شبان القرية وقتلوا فيها ست من أفراد العصابة، وفرح أهل القرية بهذا الانتصار فقامت نساء القرية ببيع الذهب، والمصوغات التي تمتلكها، وتشتري مقابله بنادق لشبان القرية.

وفي ليلة يوم المعركة عادت العصابة الصهيونية لمهاجمة أهل القرية، وأخذ ثأرها، هنا نشبت معركة شرسة جداّ بينهم؛ أستشهد على إثرها عدد كبير من شبان القرية، وراح مقابلها قتلى من العصابة.

اختفاءه:

وانتهت الحرب، ورحلت العصابة فقامت النساء بجمع الجثث. والتعرف على هويتهم، ولكن كانت المفاجأة الغريبة عدم وجود ظريف الطول من ضمن الجثث، والشهداء او حتى بين الأحياء،

وغاب عن القرية، مما سبب الحيرة لأهلها، لعدم معرفتهم، سبب غيابه، ومكانه

فكثرت الأقاويل عن مكان تواجده فمنهم من قال: أنه شاهده في بورسعيد مع جمال عبد الناصر،

ورواية أخرى تقول إنهم شاهدوه مع عز الدين القسام في أحراش يعبد.

 وآخرون رأوه في الكرامة على نهر الأردن. وغيرها من الأقاويل المشابهة، وتباينت الأقاويل

 حتى نسجت قصة ظريف الطول أسطورة عاطفية. وجدانية اجتماعية تحمل أجمل معاني عن حب الوطن وقصص أبطاله، واصبحت قصة يسردها الأجداد للأولاد والأحفاد.

انتشار الاغنية:

تغنت قصته بأكثر من شكل، ولون غنائي في كل الوطن العربي. حتى باتت ظريف الطول وقصته رمز لكل فلسطيني حر، وصار تراث غنائي غناه غير الفلسطينيين. بكلمات مختلفة. وتفاصيل تشابه الواقع المعاش. مع الحفاظ على الكلمات الأساسية، والنمط الغنائي العام للموسيقى.

وهكذا بات لحن وأغنية ظريف الطول مألوفاً أكثر من قصتهما.

 حمام العريس: أجمل طقوس العرس الفلسطيني

تمثل العادات، والتقاليد الخيوط الدقيقة التي تنسج معًا النسيج المتنوع للثقافات في جميع أنحاء العالم، هذه الممارسات القديمة المتوارثة من جيل إلى جيل مثل “حمام العريس”. وغيرها تحمل مفتاح تاريخنا الجماعي وهويتنا؛ تشكل جوهر روابطنا الاجتماعية، ويعملون كجسر يربط الماضي بالحاضر، ويوجهنا إلى المستقبل.

تشمل العادات والتقاليد مجموعة من الممارسات، والطقوس، والمعتقدات، والقيم التي تحدد طريقة الحياة داخل المجتمع.

 إنها القواعد غير المكتوبة التي تحكم تفاعلاتنا. وتشكل سلوكنا، واحتفالاتنا، وروتيننا اليومي، من الاحتفالات الدينية التي تبث الروحانية في معالم الحياة، إلى التجمعات الاحتفالية التي تحتفل بالتراث الثقافي، تضفي العادات. والتقاليد اللون والمعنى على وجودنا.

عادات وتقاليد الزواج:

 مشهد من الطقوس والمعتقدات والممارسات التي تختلف باختلاف الثقافات، والمناطق. هذه التقاليد القديمة لها أهمية كبيرة في تشكيل الطريقة التي يتم بها الاحتفال بالزيجات. وفهمها داخل المجتمعات المختلفة. من الاحتفالات المتقنة إلى التجمعات. تعد عادات الزواج انعكاسًا للهوية والقيم الثقافية، مما يعزز الروابط الاجتماعية. ويمثل علامة فارقة في حياة الأزواج.

 توجد عادات وتقاليد عدة للزفاف، منها عادة “حمام العريس”. حيث تحتل عادة حمام العريس مكانة خاصة كطقوس عريقة للإعداد والتأمل، لنتتعمق سويا في المغزى، والرمزية الكامنة وراء هذه الممارسة القديمة، ونستكشف كيف تتجاوز مجرد روتين الاستحمام لتصبح تجربة تحويلية للعريس عشية يوم زفافه.

عادة حمام العريس:

يعتبر حمام العريس تقليدًا فريدًا، يتم إجراؤه يوم الزفاف. مما يضيف لمسة من الأهمية، والرمزية إلى رحلة العريس نحو الزواج، تحتل هذه العادة العريقة مكانة خاصة في مختلف الثقافات. يعتبر حمام العريس المصحوب في كثير من الأحيان بطقوس وأعمال احتفالية. رمزًا قويًا للتطهير. عندما يغمر العريس نفسه في الماء. يزيل أي شوائب جسدية وعاطفية، ويجهز نفسه لرباط الزواج المقدس.

طقوس الحمام في فلسطين:

تحمل طقوس التطهير أهمية مركزية وعميقة، هذا التقليد القديم يتجاوز مجرد روتين ما قبل الزفاف إنه عمل تحويلي يرمز إلى تطهير العريس للجسد والعقل والروح قبل الشروع في رحلة الزواج المقدسة.

إن فعل التطهير متجذر بعمق في المعتقدات الثقافية والروحية، غالبًا ما يكون حمام العريس مشبعًا بالزيوت العطرية، وكلها تعمل كعوامل للتطهير والتجديد، يصبح الماء نفسه رمزًا للنقاء. حيث يزيل أي شوائب وطاقات سلبية وأمتعة عاطفية قد يحملها العريس.

عندما يغمر العريس نفسه في المياه الهادئة. يخرج التوترات والقلق التي قد تكون تراكمت قبل يوم الزفاف، يصبح الحمام لحظة تأمل واستبطان، مما يسمح للعريس بمواجهة مشاعره. واحتضان الضعف، لقد حان الوقت للتخلي عن التجارب السابقة، واحتضان الفصل الجديد من الحياة الذي ينتظره..

أما في عاداتنا المتوارثة كفلسطينيين حين يبدأ يوم الزفاف، تبدأ من الصباح الباكر التحضيرات، حيث يأخذ أصدقاء العريس عريسهم إلى الحمام التركي، أو إلى بيت أحد أصدقائه.

 يتم حمام العريس، وحلاقته، والمزح معه بالضرب بما يُسَمونها “قتلة العريس أو واجب الطبطبة، وعند الانتهاء من الحمام يزفونه، بالأغاني المختلفة مثل: “طلع الزين من الحمام، الله واسم الله عليه”

وغيرها من الأغاني التراثية.

حمام العرس وقت للتفكير:

في الواقع، يعتبر ؛ وقتًا خاصًا للتفكير. والتأمل والاستعداد مع اقتراب يوم زفافه، أثناء استحمام العريس، يمكنه التوقف، والنظر إلى الوراء في رحلته التي سبقت هذه المناسبة العظيمة.

 قد يفكر في التجارب والتحديات والإنجازات التي شكلته في الشخص الذي هو عليه اليوم، يسمح له هذا الوقت الاستبطاني بتقدير الحب، والدعم الذي تلقاه من العائلة والأصدقاء. والاعتراف بالعلاقات الهادفة التي أثرت على مساره.

بينما يقف على أعتاب الزواج، يشجعه حمام العريس على التفكير في الالتزامات، والمسؤوليات التي تأتي مع هذا الاتحاد، قد يفكر في الصفات التي يرغب في تقديمها للشراكة. مثل اللطف، والتفاهم، والصبر، يسمح له وقت التفكير هذا بتحديد النوايا للمستقبل، وتصور نوع الشريك والزوجة الذي يطمح إليها.

ختاما؛ في عالم يتطور بسرعة، تظل هذه العادة مرساة لماضينا. تذكرنا بالقيم، والعواطف والروحانية التي توحد الأزواج في الحب، والعمل الجماعي عبر الزمن والثقافات.

 مع استمرار احتضان هذا التقليد العزيز، وتوارثه عبر الأجيال. فليستمر في إثراء تجارب العرسان والعرائس على حد سواء، وتوجيههم نحو مستقبل من الحب الدائم والزواج السعيد.

يا طالعين الجبل… … الرسائل الخفية في الأغاني الفلسطينية

غالبًا ما كانت الموسيقى في سجلات التاريخ الفلسطيني، وسيلة للتعبير، والمقاومة على خلفية الاحتلال، ومن الأمثلة اللافتة للنظر أغنية “يا طالعين الجبل…”، التي لم تجسِّد جوهر النضال الفلسطيني فحسب، بل أصبحت أيضًا وسيلة اتصال سرية بين النساء الفلسطينيات، والأسرى المحتجزين في سجون الاحتلال.

أصول يا طالعين الجبل

أغنية فلسطينية تراثية محبوبة، تعود جذورها إلى زمن عانى فيه الشعب الفلسطيني مصاعب هائلة تحت الاحتلال، أصبحت الأغنية التي غناها موسيقيون مشهورون نشيدًا قويًا للأمل والصمود والمقاومة، يتردد صداها بعمق في الوعي الجماعي الفلسطيني.

كشف قانون سري

خلال فترة اعتقال الأسرى الفلسطينيين، ابتكرت النساء الفلسطينيات استراتيجية رائعة للتواصل مع المعتقلين، لقد أدرجوا ببراعة رمزًا سريًا في أغنية يا طالعين الجبل؛ من خلال إضافة حرف اللام إلى كلمات معينة. وبالتالي تشفير الرسائل التي لم تكتشفها سلطات السجن إلى كلمات معينة.

التشفير والتمويه

كانت اضافة حرف اللام إلى كلمات محددة في كلمات الأغنية بمثابة وسيلة سرية للتواصل، هذه التعديلات التي تبدو غير ضارة حولت الأغنية إلى وسيلة سرية لتمرير الرسائل، وتبادل المعلومات الحيوية، وتقديم الدعم للفلسطينيين المسجونين، من خلال إخفاء نواياهن بمهارة داخل نسيج الموسيقى، تفوقت النساء الفلسطينيات بشكل فعال على جهود مراقبة الاحتلال

قوة يا طالعين الجبل

إلى جانب دورها كأداة اتصال سرية، أصبحت يا طالعين الجبل رمزا قويا للوحدة. والمقاومة داخل المجتمع الفلسطيني، لقد كان له وزن عاطفي هائل، يمثل الروح الثابتة للشعب الفلسطيني. وتصميمه على دعم مواطنيهم المسجونين، قدمت الأغنية العزاء، والتشجيع والشعور بالتضامن في مواجهة الشدائد.

الإرث والأهمية المعاصرة

على الرغم من تلاشي عصر التشفير من خلال يا طالعين الجبل. إلا أن إرثه لا يزال يلهم ويذكر الفلسطينيين بمرونتهم وتصميمهم، الأغنية هي شهادة على الإبداع، والالتزام الثابت للشعب الفلسطيني للحفاظ على الروابط، حتى في أصعب الظروف، لا يزال جزءًا عزيزًا من التراث الثقافي الفلسطيني ويشكل تذكيرًا مؤثرًا بالقوة الموجودة في الفن والموسيقى.

إن قصة يا طالعين الجبل كوسيلة للتواصل المشفر بين النساء الفلسطينيات، والسجناء بمثابة شهادة على براعة. ومرونة شعب يواجه تحديات هائلة، هذه الأغنية المميزة لا تلخص النضال الفلسطيني من أجل الحرية فحسب.

 بل تمثل أيضًا الروح التي لا تقهر للمجتمع الذي يجد طرقًا للتواصل ودعم بعضهم البعض. حتى في أكثر الظروف سوءًا إنها تقف كرمز دائم للمقاومة الفلسطينية. مذكّراً العالم بقوة الفن، والموسيقى، والمرونة الإنسانية في مواجهة القهر.