أغاني فلسطينية

سجل أنا عربي … قصيدة محمود درويش التي ولدة مرتين

أثار إلقاء أبيات قصيدة “سجل أنا عربي” على موجات إذاعة الجيش الإسرائيلي سخط الإسرائيليين على جميع المستويات، لا سيما السياسية منها.

هاجم على إثرها وزير الدفاع الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان” الإذاعة التي تتبع للجيش. وزعم أن قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش تصب الزيت على النار؛ بالتشجيع على ما وصفه بـ “الإرهاب” ضد الكيان الإسرائيلي.

واستدعى ليبرمان مدير الإذاعة لتوبيخه، في حين دافعت إدارة الإذاعة عن بثها القصيدة، كما هاجم عدد من وزراء حكومة نتنياهو الإذاعة ونعتتها بأشد العبارات، فيما قالت مصادر مقربة من نتنياهو. إن إذاعة الجيش الإسرائيلي هي المحطة العسكرية الوحيدة في العالم التي تتميز بالحماقة بتوفيرها منصة لأعداء إسرائيل.

التعريف بالقصيدة:

كتب الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش قصيدة سجّل أنا عربي، وهي من أهمّ القصائد الوطنيّة، نُشرت في ديوانه الثاني “أوراق الزيتون” الصادر عام 1964م، عدد أبيات القصيدة 66 بيتًا تتوزّع على ستة مقاطع، وهي نوع من الشعر الحر الذي يعتمد على تفعيلة مفاعلتين.

حيث كتبها لأوّل مرة عندما كان عمره 15 عامًا باللغة العبرية، ليردّ على العسكري الذي سأله عن قوميته، لكنّه أعاد إصدارها بالعربية بعد 25 عامًا في بيروت، بعد القصف الإسرائيليّ عليها، وشعوره بأنّ الفلسطينيّ غريب عن لبنان.

كانت القصيدة الأولى صيحَةً ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ. أما إلقاؤها مرة ثانية، فكان بسبب الحرب الأهلية التي رأت في الوجود الفلسطيني في لبنان أمرًا مُنكرًا، بالإضافة إلى أن أبيات قصيدة سجّل أنا عربي التي تُعدّ من أهم القصائد الوطنيّة.

قصة قصيدة سجل أنا عربي:

بدأت هذه القصة عندما ذهب محمود درويش، وهو شاب إلى وزارة الداخلية لكي يجدد بطاقة هويته، فكان هناك موظف يهتم بتقديم الطلبات مثل تعبئة تاريخ الميلاد، ومكان السكن وغيرها، فسألهُ: ما هي قومتيك؟ فرد عليه: “عربي” وعاود السؤال لمحمود درويش وكان بنبرة استنكار، فرد عليه: سجل أنا عربي.

 خرج محمود درويش من وزارة الداخلية، وقد دارت هذه الكلمات في باله، فبدأ بتنظيم قصيدة على قصاصة ورق وهو عائد إلى البيت، فالقصيدة هذه تشبه الاستمارة التي تم تعبئتها عند الموظف.

وقد كتبت سجل أنا عربي بالعبرية ككتابة أولى، ومن ثم أعاد شاعرنا ترجمتها باللغة العربية، وانتشرت عربياً وفلسطينياً لتنال حيزاً واسعاً على ساحة الشعر الحر.

 كما أن القصيدة كتبت رداً على الموظف الإسرائيلي؛ فأصبح يحشد في القصيدة كل ما يغيظ هذا الموظف، وصار يطور بطاقة هويته الشخصية لتصبح بطاقة هوية جماعية فذكر فيها الشّعر الأسود. وأيضاً كفه كالصخر وذكر أيضاً عدد أولاده ثمانية. فكانت قصيدة يصف فيها الموقف.

القصيدة التي طاردت صاحبها:

كان محمود درويش ذاته قد توقف مبكراً عن قراءة هذه القصيدة في أمسياته الشعرية، رغم مطالبة جمهوره بها، إذ بدا له من غير المنطقي أن يصرخ «سجل أنا عربي» بين العرب، فقد كانت حين كتبها قصيدة مواجهة. وكان المخاطب فيها هو الصهيوني الإسرائيلي. وليس العربي أساساً. غير أن على المرء أن يعترف أن لهذه القصيدة تاريخاً. وأن تاريخها جزء من تاريخ المنطقة. بل إنه جزء من تاريخ الأمة في الحقيقة.

انطلاقة القصيدة وانتشارها:

كان محمود متشككاً في ما إذا كانت القصيدة شعراً حقاً، كان معجباً بها في ما يبدو. لكنه كان يدرك بشكل ما أن فيها مشكلة، أو أن فيها ما يجعلها بين الشعر واللاشعر، ثم جاءت أمسية 1963 في الناصرة، وهناك قرأ محمود عدة قصائد. فصفق له الجمهور بشدة. وطلب منه أن يقرأ قصائد أخرى. لكن حسب قوله، لم يكن لديه إلا ورقة «سجل أنا عربي» في جيبه. فأخرجها من جيبه وقرأها.

ولم يكن يدري حين بدأ بقراءتها أنه يفجر قنبلة: «وحدث ما لم أكن أتوقعه. شيء يشبه الكهرباء شاع في الجو، حتى أن الجمهور طلب مني إعادة القصيدة ثلاث مرات».

مسار قصيدة الشاعر..

وكانت تلك الأمسية حدثاً حاسماً في مسار محمود درويش الشعري، بل في مسار الشعر الفلسطيني أيضاً، لا يمكن فهم هذين المسارين من دون هذه الواقعة، والحق أن محمود درويش تمعن جيداً في معنى هذه الحادثة لاحقاً: «أقول لك بصراحة: من قرر أن هذه قصيدة هم الناس وليس أنا، هم الذين قالوا لي: هذا شعر»  وفي هذه الجمل، يلتقط محمود الحقيقة التي طبعت الشعر الفلسطيني من منتصف الستينات إلى منتصف الثمانينات على الأقل، حقيقة أن الشعر لم يكن في ذلك الوقت صناعة فردية فقط، بل صناعة جماعية, فالناس الذين مسّتهم الكهرباء. هم الذين قرروا أنّ «سجل أنا عربي» شعر, الناس هم الذين حكموا، فتدخّل الناس كان حاسماً في تعريف الشعر.

يقول محمود إنه التقط في هذه القصيدة «مكبوتاً بسيطاً جداً» عند الناس وعبّر عنه، فاندمج الشاعر بالجمهور، واندمج الشعر بالناس، لكنني أعتقد أن الأمر يتعدى البساطة الظاهرية، كان عالم الفلسطينيين كله في ذلك الوقت. أي حوالي منتصف الستينات، يتجه نحو نقطة انفجارية. أما محمود فقد وقف فوق هذه النقطة. وفجر القنبلة وكانت القنبلة جملة موقعة: “سجّل أنا عربي”

حياة أخرى للقصيدة:

على كل حال، لنعد إلى قصيدة «سجل أنا عربي». فقد قدِّر لهذه القصيدة أن تعيش حياة جديدة. قدر ها أن تنفجر مثل القنبلة من جديد فبعد هزيمة عام 1967م. حيث انتشرت القصيدة مثل قدحة نار في الهشيم، وهكذا قدر لهذه القصيدة أن تمسك باللحظة من جديد. لكنها أمسكت بها هذه المرة وحدها من دون تدخل درويش ذاته لقد أفلتت من بين يديه وتدحرجت كعربة نارية. لم تعد تهتم بشاعرها لم يعد وجوده يهمها.

الخاتمة: تبقى سجل أنا عربي علامة فاقة في تاريخ محمود درويش الشعرية، ومصدر إلهام شعري لكل من قرأها وأمعن في معاني كلماتها، ومهما تغيرت الظروف وتبددت الأحداث التي كتبت خلالها القصيدة، إلا أن سجل أنا عرب ستبقى شاهداً على الأحداث. وقوة رفض للظلم لا يستهان بها. بالإضافة إلى أن الجميع في فلسطين والوطن العربي كله أكد على تأثيرها. والتف حول كلماتها.

زغردي يام الجدايل …. رسالة صوتية في الأغنية الفلسطينية

تنطلق الأصوات المميزة التي تحمل معها تراث الشعوب وهويتها. وفي ساحة الأغاني الفلسطينية تأتي “زغردي يام الجدايل” كنغمة فريدة ترتبط بجذور عميقة في التاريخ والثقافة، تجسد هذه الأغنية بلاغة الكلمات. وملامح الألحان في قالب موسيقي مميز. وتتسلل إلى قلوب السامعين معبّرة عن روح الصمود والهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.

 ما يميز “زغردي يام الجدايل” هو ليس فقط أداؤها الموسيقي الرائع وإحساس الفنانين بها، بل تمتاز أيضاً بقدرتها على إيصال رسالة عميقة من الصمود، والانتماء إلى أرض فلسطين إنها تقارب تاريخ الشعب وثقافته.

 حيث تسرد قصة قرى ومدن فلسطينية، وتسلط الضوء على جمال تضاريسها. ومعالمها بألحانها الفريدة. تأخذ السامعين في جولة ثقافية وفنية تعيد إحياء ذكريات التراث وتفتح الباب أمام أجيال جديدة لاكتشاف جمالية الأغنية الشعبية.

تشتهر الأغاني الشعبية بقدرتها على تناول قضايا الحياة اليومية والعواطف الإنسانية بشكل مباشر وعفوي، وفي هذا السياق، تتفرد “زغردي يام الجدايل” بأنها لا تعبّر فقط عن الصمود والتحدي. بل تنقل أيضاً صدق المشاعر والحب العميق للوطن، إنها نص رمزي يحمل معنى معبراً عن التمسك بالأرض. والهوية في وجه التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية.

الجذور التاريخية للأغنية

تمتد جذور “زغردي يام الجدايل” إلى أعماق تاريخ الفلسطينيين وثقافتهم. حيث تعبر عن وصالهم مع الأرض والمكان. تُعد هذه الأغنية جزءاً من التراث الشعبي الفلسطيني القديم وتحمل في طياتها قصصاً ومشاعر تمتد لعقود طويلة. ترجع جذور الأغنية إلى القرون الماضية، حينما كانت الأغاني الشعبية تستخدم كوسيلة لتوثيق التراث والعادات، ونقلها من جيل إلى جيل، حيث تعكس معاناة وطموحات الشعب. وكانت تُغنى خلال مناسبات مختلفة مثل الأعراس والاحتفالات، بذلك هي تحمل على مدى الزمن تجربة الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات والصراعات.

جسر زمني وجغرافي

“زغردي يام الجدايل” تمثل جسر زمني وجغرافي يربط بين الماضي والحاضر. وبين مناطق مختلفة من فلسطين. من خلال ألحانها وكلماتها، تقوم الأغنية بتخطي الزمان والمكان، وتجلب معها ماضياً وحاضراً مترابطين بخيوط الهوية والانتماء.

كجسر زمني:

تنقل الأغنية تراثاً عريقاً يمتد إلى القرون الماضية، حينما كان الفن الشعبي والأغاني يعكسان واقع الشعب وتجاربه بإحكامها النصية. ولحنها القوي، تعيد الأغنية تجربة الجدايل (الأجداد) إلى الذاكرة. وتجعل الأجيال الحالية تشعر بالارتباط العميق بأصولها. وتاريخها.

كجسر جغرافي

تصف الأغنية بألوانها، وصورها الجميلة مناطق مختلفة من فلسطين. من البحر إلى الجبال، من القرى إلى المدن، هذا الجانب الجغرافي يصبح جسراً يربط بين المناطق المتفرقة، والمجتمعات المختلفة في فلسطين، حيث يمكن للأغنية أن تكون نقطة تلاقي للثقافات والتراث.

تعمل “زغردي يام الجدايل” كوسيلة لنقل الذاكرة، والموروث الثقافي من جيل إلى جيل ومن منطقة إلى أخرى، تجعلنا الأغنية نعيش تجربة متكاملة للانتماء والهوية الوطنية، سواء كان ذلك من خلال استماعنا إليها أو غنائها، وهكذا تظل واحدة من أبرز الأعمال الفنية التي تجسد وتمتزج مع تجربة الشعب الفلسطيني عبر العصور.

التجسيد الفني للأغنية

“زغردي يام الجدايل” تبرز كتحفة فنية تجسد تعدد الجوانب والعناصر التي تجعل منها قطعة استثنائية في تراث الأغاني الفلسطينية. يتجلى التجسيد الفني في هذه الأغنية من خلال عدة جوانب:

اللحن: تمتاز الأغنية بلحنها المميز والذي يمتزج بين الحنين والبهجة. اللحن يعكس مشاعر الارتباط القوي بالأرض والهوية الفلسطينية. ويخلق أجواء تعبيرية تتراوح بين الحزن والفرح.

الكلمات والنص الشعري: تحمل كلمات الأغنية روحاً شعرية تنقل بلاغة. وعمق الشعور بالانتماء، تصف الكلمات المناظر الطبيعية والأماكن بألوان زاهية. وتفاصيل دقيقة، مما يجعل السامع يتخيل هذه المشاهد بوضوح.

أداء الفنانين: يسهم أداء الفنانين في تجسيد الأغنية وجعلها تعبر عن الشغف والعاطفة المتجذرة في كلماتها. الأداء الصوتي ينقل معاني الأغنية بصدق ويفاعل مع معناها بشكل مؤثر.

التوزيع الموسيقي: يُظهر التوزيع الموسيقي الاهتمام بتقديم الأغنية بشكل فني يليق برسالتها. تُضيف الآلات الموسيقية الحية طابعاً خاصاً للأغنية. وتجعلها تبعث بأجواء تعبيرية فريدة .

بهذه الطرق، يتجسد الفن الراقي والعمق الثقافي لـ”زغردي يام الجدايل”، إن تنوع الجوانب والتفاصيل التي تجمع بين الكلمات والألحان وأداء الفنانين يشكل تجربة استماع ممتعة ومعبّرة تشد السامعين إلى عالم الصمود والهوية الفلسطينية .

الأغنية كجزء من الهوية الثقافية

 تحمل الأغنية معان عميقة تتعلق بالهوية الثقافية للشعب الفلسطيني. فهي ليست مجرد أغنية شعبية بل رمز للانتماء والصمود. يمكنك تطوير هذه المحور بالنقاط التالية:

الانتماء إلى الأرض والهوية: تعبّر الأغاني الشعبية عن عمق الارتباط بالأرض والهوية،.تلك الأغاني تخلق جسراً بين الأجيال. وتجعل كل فرد يشعر بأنه جزء من تاريخ وثقافة أكبر منه.

التعبير عن المعاناة والأمل: من خلال كلماتها ولحنها، تستطيع “زغردي يام الجدايل” تجسيد الأمل الذي يميز تجربة الشعب الفلسطيني، تعكس المشاعر المتضاربة، والصراع بين الحزن والصمود.

المشاركة الاجتماعية والثقافية: تحظى هذه الأغنية بشعبية واسعة وتشكل جزءاً من الفعاليات والمناسبات الاجتماعية والثقافية. من خلال غنائها ومشاركتها في الحفلات والمناسبات، يشعر الأفراد بالانتماء والتواصل مع البيئة المحيطة.

تأثيرها على الشباب: تحمل الأغنية رسالة قوية للشباب الفلسطيني، تحثهم على الاحتفاظ بالهوية والانتماء، تشكل مصدر إلهام للجيل الصاعد، وتوجههم نحو الاهتمام بتراثهم.

 ختاماً تندمج “زغردي يام الجدايل” في الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني كأداة تعبيرية ورمزية. تُظهر الأغنية قدرة الفن على نقل المعاني العميقة وتوصيل رسائل مؤثرة تحمل قيم الصمود والهوية.

 تتجلى الأغنية كتحفة فنية ذات أبعاد متعددة. تجسد تراث وهوية الشعب الفلسطيني بكل عمق. من خلال تحليل مختلف جوانبها. تتبين لنا قيمة هذه الأغنية كرمز ثقافي، وجسر زمني وجغرافي يربط الأجيال والمناطق.

أغنية الروزانا …. فلكلور شعبي تعددت رواياته

أغنية الروزانا..تتجاوز الأغاني الشعبية حدود الزمان، والمكان لتروي قصصًا تعبق بالتراث. والعراقة، فهي تعكس تفاصيل حياة الشعوب البسيطة وتجاربهم اليومية، وتصور أوجه الحب والفرح والحزن والفقر بأسلوبٍ يتسم بالعفوية.

 تعبر الروزنا عن جذور الثقافة والهوية، وتجسّد قيمًا اجتماعية، وأخلاقية تُبنى على أسس التضامن والتواصل. من خلال البحث في أعماق الأغاني الشعبية، يمكننا استشفاف تطورات المجتمعات عبر العصور. تعكس تلك الأغاني تحولات الحضارات. وتقلبات الزمن. وتحمل في معانيها تجارب الأجداد وحكاياتهم التي لا تزال حية في الذاكرة الجماعية. تعتبر الأغاني الشعبية نوافذ لاستكشاف تراث الأمم وفهم تطورها المعرفي والثقافي عبر العصور.

ما هي الأغاني الشعبية:

 نوع من الموسيقى التي تمثل التراث الثقافي، والفلكلور لشعب معين أو منطقة محددة. تتميز الأغاني الشعبية بأنها تأتي عن طريق الوراثة الشفهية، حيث يتم نقلها من جيل إلى جيل عبر الأجيال دون أن تخضع للتسجيل الرسمي. تستند هذه الأغاني إلى اللحن والكلمات. وغالبًا ما تنقل قصصًا وتجارب من حياة الناس البسيطة .

تعبر الأغاني الشعبية عن التراث الثقافي للشعوب. وقد تتناول مواضيع متعددة مثل الحب، والحياة اليومية، والتقاليد، والأحداث التاريخية، والقصص الشعبية. تُؤدى هذه الأغاني في العادة في المجتمعات المحلية أثناء المناسبات الخاصة والاحتفالات، وتتراوح أساليب الأداء من الأغاني الجماعية إلى الأغاني الفردية. تتنوع من منطقة إلى أخرى. ويتميز كل نوع بطابعه الخاص وأسلوبه الموسيقي. إنها تمثل جزءًا مهمًا من التراث الثقافي للشعوب وتساهم في الحفاظ على هوياتهم وتراثهم الثقافي. ومن الأغاني الشعبية المشهورة ” أغنية الروزانا ” .

قصة الروزانا:

تختلف الروايات لكن أغلبها تدور حول قصة سفينة تدعى “روزانا” وهنا روايتان :
 الأولى : تقول إنها كانت سفينة عثمانية محملة عنباً وتفاحاً، وجيء بها إلى بيروت لتبيع كل إنتاجها. بدل إنتاج المزارعين اللبنانيين وهو ما حصل .فكسد الإنتاج اللبناني. ليأتي تجّار حلب ويتضامنوا مع اللبنانيين ويشتروا كل محصولهم، وينقذوهم من الفقر والعوز .
 أما الرواية الثانية : فتقول إن السفينة التي تدعى “روزانا” هي سفينة إيطالية. وأرسلتها إيطاليا إلى لبنان وسورية وقت المجاعة الكبرى عام 1914، محملة بالقمح. لكن عنما وصلت تبيّن أنها محملة عنباً. وتفاحاً ما أصاب اللبنانيين والسوريين بالخيبة، ورغم ذلك قام أهالي حلب بتأمين القمح اللازم للبنانيين. لإنقاذهم من المجاعة .

الاختلاف على نسب الروزانا:

نالت الروزانا شهرة كبيرة ليتم تداولها بالاحتفالات، والمهرجانات وحتى الإذاعات. تربى كل منا على الروايات المتداولة حول كساد المحصول، ومساعدة حلب للبنانين، ورسى الجميع أنها سفينة إيطالية وتداولها في كل حين وحين.

 لكن أتت المفاجأة في تشكيك صحة قصتها، وروايتها، حيث يتهم “الجميل” الإعلامي السوري “سعد الله الآغا” بأنه قد نسج  قصة من خياله لينفي لبنانية الأغنية. ويختلق تفسيراً غريباً لجعلها أغنية سورية بقوله :« أن مجاعة ضربت بلاد الشام في أوائل الحرب العالمية الأولى، وأن العثمانيين الأتراك جمعوا القمح للجيش فجاع الناس. فتوجهت من “ايطاليا” باخرة إسمها “الروزانا الايطالية” نحو “بيروت”. ولكن الحرب التي دخلتها “إيطاليا” إلى جانب الحلفاء أدت لمحاصرة الشواطىء ولم تصل الباخرة. فأقدم تجار “حلب” على تزويد “لبنان” بالقمح واستلام محصول التفاح كبديل عنه تهريباً مع تغطيته بالعنب!! ولم يذكر “الآغا”على أي مصدر اعتمد في كتابة هذه القصة  .

الكاتب والمؤرخ العراقي “الجميل”

يؤكد الكاتب والمؤرخ العراقي “الجميل” أنه اكتشف في مخطوط ديوان الشاعر “عبد الله راقم أفندي” 1853- 1891 م أن هذه الأغنية قد كتبها بنفسه في جلسة سمر، واتفق مع صديقه الموسيقار الضرير “الملا عثمان الموصلي” على تلحينه. وهي تحكي قصة عاشقين كانا يلتقيان خلسة وراء الروزانا، وأن العاشق رحل إلى “حلب” بعد أن افتقد حبيبته إثر إغلاق أهلها للروزانا التي يسميها “الموصليون” بـ “الغوزني”. حيث يوضح قائلاً:« أن “الروزانا” هي فتحة تُبنى في البيوت القديمة بالموصل. ويسميها البغداديون “الرازونا”. وهي ليست كما أشاع السوريون واللبنانيون اسم سفينة إيطالية. ومن خلال ما كتب فعلاً هناك سفينة اسمها “ريجينا” وليست “روزانا” بنيت منذ زمن طويل، إذ يقول تاريخها بأنها قد تحطمت عام 1872 في عاصفة قوية جداً بالبحر.

تظهر أغنية الروزانا كمثال مشرق على تعقيد الأغاني الشعبية. وتباين الروايات التي تحيط بها، هذا التباين في الروايات يشير إلى عمق الثقافة، وتعدد الفهم البشري للأحداث والمعاني. فعلى الرغم من الاختلافات في الروايات. يمكن للأغنية أن تجمع بين الأجيال وتوحد الناس في حبها المشترك للألحان والكلمات. كما تعكس هذه الأغنية تأثيراتها المتجددة على مختلف الأجيال. وتتيح لهم إعادة اكتشاف قصتها من منظورات متعددة. إن اختلاف الروايات ليس عائقًا. بل هو جزء من سحر الأغاني الشعبية الذي يتيح للجميع المشاركة في تكوين معنى الأغنية حسب خلفيتهم وتجاربهم.

بهذه الطريقة، تظل “الروزانا” وأمثالها رموزًا للثقافة والموروث الشعبي الذي يجمع بين الماضي والحاضر.

 إنها تجسيد للروح الإنسانية التي تعبر عن نفسها من خلال ألحان بسيطة وكلمات تمس القلوب. ومهما

 اختلفت الروايات. تبقى هذه الأغاني الشعبية مسرحًا للتلاقي والتواصل بين الأجيال والثقافات المتعددة. فماأجملها من روح تجمع وتوحد.

شعر الغزل الفلسطيني …. بين القديم والحديث

يتناثر شعر الغزل الفلسطيني كأوراق الأشجار الملونة في فصل الخريف، يمتزج بين ألوان الحب والوطن، ينسج خيوطه بين أنغام الأمل، والصمود، إنه فن يتجاوز حدود الزمان والمكان، يحمل في طياته لوحات من الأحاسيس العميقة، والتعابير المشبعة بالمعاني، فالغزل الفلسطيني ليس مجرد كلمات عابرة، بل هو صرخة حب ووفاء لأرض تعانق السماء، وتاريخ مليء بالتحدي والصمود.

منذ قرون وفي كل ركن من أركان الأرض الفلسطينية، ازدهرت ثقافة الغزل كوسيلة للتعبير عن المشاعر والأماني، بدءًا من الحكايات القديمة التي تمتد إلى الأجيال الماضية، وصولًا إلى العصر الحديث الذي أتاح للشعراء التعبير عن هموم وأحلام جيل جديد من الفلسطينيين.

 تجلب أبيات الغزل الفلسطيني لنا تاريخًا ملونًا من المشاهد واللحظات التي عاشها الشعب على مر العصور، محملةً بالحكمة والروح القوية، حيث إن الغزل الفلسطيني ليس مجرد توثيق للماضي، بل هو تعبير عن الحاضر ورؤية للمستقبل، إنه رسالة على ألسنة الشعراء تقول: “نحن هنا، وسنبقى هنا، ننسج أحلامنا وآمالنا في قصائدنا، وننثرها على أرضنا المباركة”.  

الجذور التاريخية والتطور

انبثق فن الغزل الفلسطيني منذ زمن بعيد،  كمصدر للتعبير الشعبي ووسيلة لنقل الأحاسيس والمشاعر،  يعود أصل هذا الفن إلى العديد من القرون الماضية، حيث انبثقت أبجدياته من تجارب الحياة وتفاعلات الشعب الفلسطيني مع البيئة المحيطة به. ففي الأزمان القديمة، عندما لم تكن هناك وسائل اتصال حديثة، كان الشعراء يعتمدون على التراث الشفهي لنقل قصائدهم والتعبير عن مشاعرهم، وهكذا تشكل الغزل الفلسطيني مظهرًا مهمًا من هذا التراث، كانت القصائد الغزلية تحمل في طياتها تعابير الحب والشوق والحزن، وتعكس واقع الحياة اليومية للفلسطينيين.

مع تطور العصور وظهور الكتابة ووسائل التواصل المختلفة، انتقل الغزل الفلسطيني إلى وسائل جديدة للتعبير،  ظهرت المقامات الشعرية والمواويل والأغاني كأشكال متعددة لهذا الفن، ومع تصاعد التحديات التاريخية، تحوّل الغزل ليصبح لغة تعبيرية للشعب الفلسطيني عن الصمود والتحدي، وأصبح شاهدًا على تجربته ومعاناته .

تجاورت مواضيع الغزل الفلسطيني بين العاطفة والوطنية، حيث عكست أبياته حبّ الوطن والأرض والعرق، وشجب الاحتلال والظلم، كان هذا الفن وسيلة لنقل التجارب، والمعاناة للأجيال القادمة، وكأحد أهم أدوات بناء وتعزيز الهوية الفلسطينية.

 أما مع التطورات الاجتماعية والثقافية، انتقل الغزل الفلسطيني إلى العصر الحديث، حيث استخدم الشعراء وسائل الإعلام والتكنولوجيا لنقل قصائدهم والوصول إلى جمهور أوسع، وفي ظل تحديات العصر الحديث، لازال الغزل يشهد تطورات مستمرة، حيث يتغير شكله ومضمونه لينعكس عصره ومعانيه .

تبقى جذور الغزل الفلسطيني متجذرة في الثقافة والتاريخ،  تأتي تطوراته وتحولاته كنتيجة للتفاعل مع تغيرات الزمن، فمن خلال تلك الأبيات الشعرية العذبة والعميقة، يعبّر الفلسطينيون عن حبهم لوطنهم وعن إصرارهم على الصمود والتحدي في وجه التحولات والتحديات التي يمرون بها .

الأشكال والمواضيع:

يتجلى فن الغزل الفلسطيني في مجموعة متنوعة من الأشكال والمواضيع، التي تعكس تعدد الجوانب في حياة الفلسطينيين وتجربتهم الوطنية والإنسانية، من بعض الأشكال والمواضيع التي تميز هذا الفن :

الحب والرومانسية: تعتبر مواضيع الحب والرومانسية جزءًا أساسيًا من فن الغزل الفلسطيني، تنتقل الأبيات بين مشاعر الشوق والعشق، وترتبط بالمشاهد الطبيعية الجميلة والأماكن المحببة، هذه المواضيع تعكس جوانب الحياة الشخصية والإنسانية للشعراء وتكشف عن جوانبهم العاطفية.

الأمل والصمود: تظهر مواضيع الأمل والصمود في أغلب قصائد الغزل الفلسطيني، ترتبط هذه المواضيع بالتجربة الوطنية والقوة الداخلية للفلسطينيين في مواجهة التحديات والصعوبات، يعبّر الشعراء عن إصرارهم على البقاء وتحقيق الحرية والعدالة.

المناظر الطبيعية: يتضمن فن الغزل الفلسطيني وصفًا دقيقًا للمناظر الطبيعية والأماكن الجميلة في فلسطين، تسلط القصائد الضوء على جمال البيئة الطبيعية وتجسد الارتباط الوثيق بالأرض والأماكن التاريخية والثقافية .

الوطنية والانتماء: تعتبر مواضيع الوطنية والانتماء أحد أهم مظاهر الغزل الفلسطيني، ترتبط هذه المواضيع بمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والاضطهاد، وتعكس تجربتهم في الحفاظ على هويتهم وروابطهم الوطنية.

التاريخ والتراث: يستعرض فن الغزل الفلسطيني تاريخ الشعب وتراثه من خلال مواضيع تعبّر عن الحضارة والهوية الوطنية، تسلط القصائد الضوء على الأحداث التاريخية والشخصيات البارزة والمعالم الثقافية والتراثية.

الثورة والمقاومة: يعبر فن الغزل الفلسطيني عن تجربة الشعب في مواجهة الاحتلال والنضال من خلال مواضيع الثورة والمقاومة، تنقل الأبيات روح الصمود والتحدي وتكشف عن القوة الدافعة والإرادة الصلبة لتحقيق الحرية .

تتنوع المواضيع والأشكال في فن الغزل الفلسطيني وفقًا للتجارب الشخصية للشعراء، والظروف التاريخية والاجتماعية، تسهم هذه المجموعة المتنوعة في إغناء وتعميق الفهم لدى الجمهور، وتجعل فن الغزل الفلسطيني رسالة تمتد عبر الأجيال والزمان، تعبر عن تجربة شعب لازال يصارع من أجل حقوقه وحريته .

تأثير الغزل على الثقافة والمجتمع:

تأثير شعر الغزل الفلسطيني لا يمكن تجاوزه، حيث يمتد هذا التأثير من الأجيال القديمة إلى الجيل الحديث، حيث يُعتبر فن الغزل الفلسطيني جزءًا هامًا من الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، يساهم هذا الفن في بناء وتعزيز الوعي الثقافي والانتماء للوطن والهوية الفلسطينية، ومن خلال مواضيعه المتنوعة ولغته الشعرية، يساهم الغزل في نقل التراث الثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني إلى الأجيال الجديدة، يحمل هذا الفن في طياته ذاكرة الأجداد وتجاربهم ومعاناتهم .

يشكل الغزل وسيلة للتواصل والتفاعل بين أفراد المجتمع الفلسطيني، يمكن أن تكون القصائد محورًا للحوار والنقاش بين الأفراد والأجيال المختلفة، مما يعزز الروابط الاجتماعية والتلاحم. كما أنه في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

 يمثل فن الغزل مصدرًا للإلهام والقوة الداخلية، تساهم قصائد الأمل والصمود في رفع الروح المعنوية وتشجيع الفلسطينيين على مواجهة التحديات، ويظهر تأثير فن الغزل الفلسطيني على مختلف فنون الأدب والفنون البصرية، يمكن أن تتأثر قصائد الغزل بالأحداث الثقافية والسياسية، وبالتالي تعكس تطورات المجتمع وتنقل رؤية الشعراء. أما في العصر الحديث، يستخدم الفن الفلسطيني للغزل وسائل التواصل الاجتماعي لنقل رسائله وأفكاره، هذا يمكن أن يؤدي إلى توسيع نطاق تأثيره والوصول إلى جمهور أوسع دوليًا .

ختاما،:

يمكن القول بأن فن الغزل الفلسطيني يمثل عمقًا وجوهرًا من ثقافة وهوية الشعب الفلسطيني، من خلال قصائده المعبّرة والمشبعة بالعواطف، ينقل هذا الفن تجربة الشعب ومعاناته وأمله في تحقيق الحرية والعدالة. الغزل الفلسطيني ليس مجرد كلمات عابرة على صفحات الشعر، بل هو لغة تعبر عن تراث غني وروح قوية، فمن خلال مواضيعه المتنوعة، يروي الغزل الفلسطيني حكايات الحب والصمود والأمل، يرتبط هذا الفن بالأرض والتراث والتاريخ، ويمثل شاهدًا على تجربة الشعب وتحدياته وصموده في وجه الظروف الصعبة، كما يسهم في بناء الوعي الثقافي والتواصل بين الأجيال، ويعزز الروابط الاجتماعية والهوية الوطنية .

الدحية الفلسطينية …. لون فني بدوي من التراث الفلسطيني

الدحية الفلسطينية التراث الفلسطيني هو الاغنى في الساحة العربية من حيث الدبكات، والرقصات الشعبية؛ وبذلك تعد هذه الفنون جزءً لا يتجزأ من حضارة وتاريخ المنطقة. وتعبر عن الحضارات المشتركة التي تربط كل منطقة جغرافية بأخرى.

 ويرصد منها رقصة الدحة او الدحية، التي تعتبر من الفنون البدوية القديمة. ومحسوبة على أهل الشمال، نقول فيها كلمات، وعبارات لا تكون مفهومة خاصة للذين لم يعيشوا حياة البداوة او البدو.

فقديما كانت بدون موسيقى. وكانت تمارس قبل الحروب من باب تحفيزي؛ لإثارة الحماسة، ورفع المعنوية ومن ثم أصبحت عادة تمارس في المناسبات، والاعراس، والاحتفالات.

نشأة الدحية…

لو نتكلم عن أصل الدحية. ففي قصة متداولة أن هناك قافلة من قوافل الحجاج كانوا قلة. وجدو لصوص يراقبونهم، وهم نائمون بالليل فأوجسوا منهم خيفة؛ فاتفقت هذه المجموعة أن يقوموا بالتصفيق. ويصدرون أصوات كهدير الجمال لكي يعرفون اللصوص انهم كثر فيخافون، وفعلا نجحو في طرد اللصوص بهذه الطريقة ثم انتشرت الدحة كرقصة شعبية.

 اما الفئة الثانية تقول ان الدحية انتشرت في هذا العصر. وهي مجرد لعبة ليس لها أي تاريخ، مثل اللقطة   و”العرضة”، و”الدبكة”، وليست مقتصرة على قبيلة معينة بل تلعبها جميع قبائل شمال الأردن، وفلسطين.

كيفية أداء الدحية …

تؤدى بشكل جماعي من خلال اصطفاف الرجال بصف واحد، أو صفين متقابلين، ويغني الشاعر، أو “البداع”، المتواجد في منتصف أحد الصفين قصيدته المغناة؛ وهي كلمات بدوية تراثية. أحيانا يتواجد “الحاشي” او المحوشي أمام الصف أو بين الصفين، ويقوم برقصة المحوشي “المحوشاه”.

 الدحية تتميز بالحماس في أدائها الحركي. والتنفسي حتى يتمكن من مجاراة باقي المشاركين، ويستعمل التصفيق كلون ايقاعي.

تطور رقصة الدحية في العصر الحديث…

شهدت الافراح في فلسطين في الآونة الأخيرة اختلافاً في طريقة الاحتفال. وفي الأنغام المتعارف عليها في الحفلات، والمناسبات، حيث اجتاحت الدحية البدوية هذه الافراح. وأصبح لا يمر فرح او مناسبة الا وكانت الدحية حاضرة.

  يدل عل التمسك بالتراث، والاصالة مع بعض الإضافات الحديثة خاصة من ناحية الآلات الموسيقية التي لم تكن موجودة سابقاً، وهي ما أدى الى المزج بين القديم، والحديث على أنغام رقصة الدحية. ظهرت في فلسطين مؤخرا فرق موسيقية عدة تؤدي أغاني الدحية بأسلوب جديد يعتمد على الموسيقى، كما ظهرت مغنية فلسطينية بدوية من شمال فلسطين تؤدي هذا النوع من التراث في الحفلات.

ورغم أنها موروث شعبي قديم؛ إلا انها انتشرت بسبب التحديثات التي ادخلها بعض الشباب البدوي عليها، فصارت فنا تراثياً يربط بين القديم، والمعاصر، وانتشرت الفرق الحديثة التي تؤدي الدحية وكثر اقبال المتزوجين الجدد عليها. لأنها تقدم الألوان الشعبية التراثية المرتبطة بالأصالة. كما ان تكلفتها المادية اقل من الفرق التي يشارك فيها فنانين كبار.

وجهة نظر الشارع الفلسطيني في الدحية…

تشهد حفلات الدبكة والدحية اقبالا كبيرا من المواطنين. لمشاهدة تراث فلسطيني تعودوا على مشاهدته في مثل هذه المناسبات، في صورة تعكس تعلق الفلسطيني بتراثه، وارضه، ووطنه.

واجتاحت الدحية البدوية في الآونة الأخيرة الافراح. والمناسبات وصارت بعض المحلات، والسائقين، والباعة يشغلون مكبرات الأصوات بها لجلب الزبائن، والمواطنين اتجاه البضائع، والسلع.

لا تخلو حفلات الدحية من الموضوعات السياسية. والاجتماعية خاصة القضايا الفلسطينية مثل قضية الاسرى، والقدس، الأمر الذي أدى إلى إقبال شريحة كبيرة على هذا الفن. والتعامل معه، لأنه من الحياة اليومية للشارع الفلسطيني.

الخاتمة..

ستظل الدحية فن أصيل مستساغ من الناحية الجمالية من كافة الأطياف الفلسطينية، والفئات العمرية، وعدم اقتصاره على شريحة الأخوة البدو، بل تجده في كل مكان على الرغم من وجود التغيير عليها بما يتناسب مع العصر، كما أن الفلسطينيين يحرصون على توريث تراثهم الشعبي من جيل الى اخر. خوفا عليه من الطمس والضياع. وحفاظا على هويتهم من الاندثار.

ظريف الطول ..قصة أغنية انتشرت في الوطن العربي

ظريف الطول ..قصة يحيكها التراث عن شاب من قرية فلسطينية، صار رمزاً للنضال، وحب الوطن، وهب كل ما يملك من أجل محبوبته الأولى فلسطين، رغم كل ما كان حوله من أبواب ليستقر إلا أنه كان مقاوماً قبل كل شيئ.

أصل الأغنية:

هي أغنية تراثية فلسطينية توارثتها الأجيال من الأجداد، استخدمت في كتابتها اللهجة المحكية، ووصف بطلها بظريف الطول.

ظريف الطول هو شاب فلسطيني مهيوب، عرف بوسامته وطوله المزيون، كان يعمل في قرية فلسطينية عند محل نجارة يطلق عليها اسم أبو حسن، وذلك على ذمة ما تم تناقله عبر الروايات الفلسطينية المحكية.

وتشهد له كل أهل قريته بوسامته، وأخلاقه وشجاعته، فكان حلم لكل أم فلسطينية داخل القرية أن تزوجه إبنتها، فذهبت زوجة المختار، وزوجة إمام الجامع إلى محل النجارة بغرض تفصيل خزانة للملابس، وصندوق خشب حتى تلفت كل منهما نظره لابنتها فيتزوجها.

 لكنه لم يلتفت الي هذا كله، كان حب فلسطين محفور في قلبه جعله لا يهتم بكل أمور الحياة او حتى إلى بنات القرية.

 حتى إمام الجامع جعله موضوع. ومحور من محاور خطبة الجمعة فذكره على سبيل التلميح.

دليل حبه للوطن:

في إحدى الأيام هاجمت العصابات الصهيونية القرية، ونشبت معركة، واستشهد على إثرها ثلاثة شبان من القرية، وغادر ظريف الطول القرية لمدة أربعة أيام ثم عاد في الليلة الأخيرة دون أن يراه أحد يحمل معه خمس بنادق.

مر شهر حتى هاجمت العصابات الصهيونية القرية مجدداّ. ونشبت بينهم معركة شرسة قام فيها  بتوزيع البنادق على شبان القرية وقتلوا فيها ست من أفراد العصابة، وفرح أهل القرية بهذا الانتصار فقامت نساء القرية ببيع الذهب، والمصوغات التي تمتلكها، وتشتري مقابله بنادق لشبان القرية.

وفي ليلة يوم المعركة عادت العصابة الصهيونية لمهاجمة أهل القرية، وأخذ ثأرها، هنا نشبت معركة شرسة جداّ بينهم؛ أستشهد على إثرها عدد كبير من شبان القرية، وراح مقابلها قتلى من العصابة.

اختفاءه:

وانتهت الحرب، ورحلت العصابة فقامت النساء بجمع الجثث. والتعرف على هويتهم، ولكن كانت المفاجأة الغريبة عدم وجود ظريف الطول من ضمن الجثث، والشهداء او حتى بين الأحياء،

وغاب عن القرية، مما سبب الحيرة لأهلها، لعدم معرفتهم، سبب غيابه، ومكانه

فكثرت الأقاويل عن مكان تواجده فمنهم من قال: أنه شاهده في بورسعيد مع جمال عبد الناصر،

ورواية أخرى تقول إنهم شاهدوه مع عز الدين القسام في أحراش يعبد.

 وآخرون رأوه في الكرامة على نهر الأردن. وغيرها من الأقاويل المشابهة، وتباينت الأقاويل

 حتى نسجت قصة ظريف الطول أسطورة عاطفية. وجدانية اجتماعية تحمل أجمل معاني عن حب الوطن وقصص أبطاله، واصبحت قصة يسردها الأجداد للأولاد والأحفاد.

انتشار الاغنية:

تغنت قصته بأكثر من شكل، ولون غنائي في كل الوطن العربي. حتى باتت ظريف الطول وقصته رمز لكل فلسطيني حر، وصار تراث غنائي غناه غير الفلسطينيين. بكلمات مختلفة. وتفاصيل تشابه الواقع المعاش. مع الحفاظ على الكلمات الأساسية، والنمط الغنائي العام للموسيقى.

وهكذا بات لحن وأغنية ظريف الطول مألوفاً أكثر من قصتهما.

يا طالعين الجبل… … الرسائل الخفية في الأغاني الفلسطينية

غالبًا ما كانت الموسيقى في سجلات التاريخ الفلسطيني، وسيلة للتعبير، والمقاومة على خلفية الاحتلال، ومن الأمثلة اللافتة للنظر أغنية “يا طالعين الجبل…”، التي لم تجسِّد جوهر النضال الفلسطيني فحسب، بل أصبحت أيضًا وسيلة اتصال سرية بين النساء الفلسطينيات، والأسرى المحتجزين في سجون الاحتلال.

أصول يا طالعين الجبل

أغنية فلسطينية تراثية محبوبة، تعود جذورها إلى زمن عانى فيه الشعب الفلسطيني مصاعب هائلة تحت الاحتلال، أصبحت الأغنية التي غناها موسيقيون مشهورون نشيدًا قويًا للأمل والصمود والمقاومة، يتردد صداها بعمق في الوعي الجماعي الفلسطيني.

كشف قانون سري

خلال فترة اعتقال الأسرى الفلسطينيين، ابتكرت النساء الفلسطينيات استراتيجية رائعة للتواصل مع المعتقلين، لقد أدرجوا ببراعة رمزًا سريًا في أغنية يا طالعين الجبل؛ من خلال إضافة حرف اللام إلى كلمات معينة. وبالتالي تشفير الرسائل التي لم تكتشفها سلطات السجن إلى كلمات معينة.

التشفير والتمويه

كانت اضافة حرف اللام إلى كلمات محددة في كلمات الأغنية بمثابة وسيلة سرية للتواصل، هذه التعديلات التي تبدو غير ضارة حولت الأغنية إلى وسيلة سرية لتمرير الرسائل، وتبادل المعلومات الحيوية، وتقديم الدعم للفلسطينيين المسجونين، من خلال إخفاء نواياهن بمهارة داخل نسيج الموسيقى، تفوقت النساء الفلسطينيات بشكل فعال على جهود مراقبة الاحتلال

قوة يا طالعين الجبل

إلى جانب دورها كأداة اتصال سرية، أصبحت يا طالعين الجبل رمزا قويا للوحدة. والمقاومة داخل المجتمع الفلسطيني، لقد كان له وزن عاطفي هائل، يمثل الروح الثابتة للشعب الفلسطيني. وتصميمه على دعم مواطنيهم المسجونين، قدمت الأغنية العزاء، والتشجيع والشعور بالتضامن في مواجهة الشدائد.

الإرث والأهمية المعاصرة

على الرغم من تلاشي عصر التشفير من خلال يا طالعين الجبل. إلا أن إرثه لا يزال يلهم ويذكر الفلسطينيين بمرونتهم وتصميمهم، الأغنية هي شهادة على الإبداع، والالتزام الثابت للشعب الفلسطيني للحفاظ على الروابط، حتى في أصعب الظروف، لا يزال جزءًا عزيزًا من التراث الثقافي الفلسطيني ويشكل تذكيرًا مؤثرًا بالقوة الموجودة في الفن والموسيقى.

إن قصة يا طالعين الجبل كوسيلة للتواصل المشفر بين النساء الفلسطينيات، والسجناء بمثابة شهادة على براعة. ومرونة شعب يواجه تحديات هائلة، هذه الأغنية المميزة لا تلخص النضال الفلسطيني من أجل الحرية فحسب.

 بل تمثل أيضًا الروح التي لا تقهر للمجتمع الذي يجد طرقًا للتواصل ودعم بعضهم البعض. حتى في أكثر الظروف سوءًا إنها تقف كرمز دائم للمقاومة الفلسطينية. مذكّراً العالم بقوة الفن، والموسيقى، والمرونة الإنسانية في مواجهة القهر.

“حيد عن الجيش” ..غبيشي تراث شعري يحاكي الوطنية

أغنية “حيد الجيش يا غبيشي” هي أغنية آسرة لاقت صدى لدى الجماهير على مدى أجيال، وتعتبر غبيشي تراث شعبي يحاكي الوطنية.

 حيث تروي هذه القصة الشهيرة، قصة الشاب الذي يجد نفسه ممزقًا بين الحب، والتوقعات المجتمعية، تدور رواية الأغنية حول سعي غبيشي وراء الحب، ورحلته مع حبيبته حسناء، والتحديات التي يواجهونها بسبب افتقاده للوضع المالي الملحوظ .

الحب يتغلب على جميع الصعوبات

في قلب “حيد الجيش” قصة حب قوية تتحدى الحواجز المجتمعية، ففي قصة غبيشي كتراث شعبي يحاكي الوطنية، يتجاوز حب غبيشي لحسناء الاختلافات في الوضع المالي، متحديًا الأعراف الاجتماعية الراسخة لقبيلتهم.

 حيث تجسد الأغنية بشكل جميل، وواضح شدة شغفهم. وإصرارهم الذي لا يتزعزع على أن يكونوا معًا. على الرغم من استنكار والد حسناء والمجتمع لهذه العلاقة لما فيها من اختلافات وتناقضات.

النضالات الاجتماعية ووصمة العار

من المواضيع البارزة في “حيد الجيش” الصدام بين الحب والتوقعات المجتمعية، إن الرفض الذي يواجهه الغبيشي من والد حسناء بسبب افتقاره الملحوظ لمكانته المالية يلقي الضوء على الانقسامات الطبقية السائدة والأهمية التي تولى للثروة المادية داخل القبيلة.

  تثير الأغنية أسئلة حول قيمة الحب، فغبيشي كتراث شعبي يحاكي الوطنية. لا يجب أن يكون هناك القيمة العليا للمال فقط.

لكن القصة وجدت لتظهر الحال العائلات في ذلك الوقت. وتتحدى التسلسل الهرمي الاجتماعي الصارم الذي يعطي الأولوية للوضع الاقتصادي على المشاعر الحقيقية.

الشجاعة والمرونة

مع تقدم الأغنية، تُظهر شخصية غبيشي شجاعة ومرونة ملحوظة. عازمًا على أن يكون مع حسناء. يتحدى للأعراف الاجتماعية ويهرب معها، يُظهر عمل التمرد هذا ضد النظام القائم قوة شخصية ويرفض الامتثال للمعايير المجتمعية، من خلال أفعاله يتحدى الهياكل القمعية التي تملي على المرء أن يحب ويؤكد على أهمية السعادة الشخصية .

التأثير الموسيقي والأثر العاطفي

اللحن الخالد والأشعار المؤثرة لـ “حيد الجيش” تساهم في استمرار شعبيتها. تثير تركيبة الأغنية شعورًا بالحنين ويعتبر غبيشي تراث شعبي يحاكي الوطنية” من خلال كلمات مؤثرة.

 مليئة بالشوق والسعي وراء الحب. تضرب على وتر حساس لدى المستمعين. ويتردد صداها مع تجاربهم الخاصة في الحب، والتضحية، والضغوط المجتمعية .

الإرث والأهمية الثقافية

يحتل “حيد الجيش” مكانة خاصة في النسيج الثقافي، لقد توارثت حكاية الحب التي تنتصر على الشدائد عبر الأجيال، لتصبح رمزًا للصمود والأمل وقوة الحب. إن قدرة الأغنية على تجاوز الوقت وتلقي صدى لدى جماهير متنوعة تؤكد أهميتها الثقافية الدائمة

تقف “حيد الجيش” كأنها أغنية مميزة وجزء من التراث “كالمثل الشعبي” تجسد تعقيدات الحب، والحواجز الاجتماعية، والتضحيات الشخصية. حكاية غبيشي وحسناء التي تتحدى قيود توقعات قبيلتهما تلقى صدى لدى المستمعين، مما يثير التفكير في القيود التي تفرضها المعايير المجتمعية، من خلال لحنها الخالد وكلماتها القوية. يستمر “حيد الجيش” في أسر القلوب والعقول. ويذكرنا بطبيعة الحب التي لا تقهر وقوة الروح الإنسانية .

يمكنك مشاهدة الحلقة كاملة على اليوتيوب:

جفرا قصيدة حب ومقاومة تروي تاريخ فلسطين

صورة من التراث الفلسطيني

جفرا قصيدة حب ومقاومة تروي تاريخ فلسطين، عليك أن تنصت جيداً حين تستمع إلى كلماتها؛ فهي المزيج الغريب بين التراث، وتاريخ قصة حب شهدت لها قرية الكويكات.

عالم من الشهادة، والمقاومة التي جعلت من جفرا المدافعة عن عرضها، وأرضها؛ التي تعتبر مصدر إلهام لشاعرها، ليخرج هذه الكلمات المفعمة بالوطنية، والتضحية، والفداء.

يبقى لنا أن نسبر أغوار هذين العالمين، وندندن حسب ما يطلبه الموقف، وما تستسيغه آذاننا. لأن في كل منهما فكرة تضاهي الأخرى جمالاً، وتأخذنا إلى مكان وزمان مختلفين تماماً.

 لنأتي بالتأصيل الحقيقي للكلمات “جفرا” في كلا موضعيها. أما روايتنا الأولى فتعيدنا إلى أيام البلاد، وقرانا الفلسطينية، وتراث يومياتهم.

القصة الأولى لجفرا:

الحب دائمًا كان مصدر الهام في عالم الشعر، والفن والأدب. يلهم إبداعات تخطف الأنفاس في الكثير من الأحيان، تلتقط تعبيرات الحب هذه جوهر العلاقة العميق.

 بينما يكشف البعض الآخر عن حكايات حسرة وشوق. هذا هو الحال مع الأغنية “جفرا” التي انتشرت عام 1935 وكتبها الشاعر “أحمد عزيز علي الحسين”، من قرية الكويكات قضاء مدينة عكا الفلسطينية.

 متجذّرًا في حبه العميق لابنة عمه “رفيقة الحسين”. واصفاً لحسنها وجمالها، وأسماها بعد ذلك “جفرا”. حيث يقف هذا التكوين الشعري الاستثنائي؛ الذي مزج قصيدة الحب بالمقاومة كدليل على قوة المشاعر. وتعقيدات العلاقات الإنسانية.

ازدهار الحب الزفاف والمغادرة المفاجئة

اكتشف أحمد الحسين، جمال الحب الآسر داخل حدود قلبه الرقيقة، تجذرت مشاعره وازدادت قوة، حيث وجد نفسه مفتونا بابنة عمه رفيقة الحسين.

بعد سنوات من رعاية حبه في الخفاء، قرر أحمد التقدم للزواج بابنة عمه، تم الزفاف وسط حفل بهيج. لكن بعد أسبوع واحد فقط من زواجهما، تركته “رفيقة أحمد” فجأة. وعادت إلى بيت أهلها لأنها منذ البداية لم تكن موافقة على هذا الزواج، وبقي شاعرنا مكسور القلب محتفظاً بحبها.

مناسبة القصيدة:

 لجأ أحمد إلى أكثر من يثق بهم – ليعبر لهم عن عميق حزنه، وأخيراً وجد في الكلمات الملاذ الآمن، للتعبير عن ما في أعماقه.

كتب قصيدته في يوم كان رأى فيه محبوبته تملئ الماء من بئر القرية فكانت كلماته لها “

“جفرا يا هالربع …نزلت على العين

جرتها فضه وذهب…وحملتها للزين

جفرا ويا هالربع … ريتك تقبريني

وتدعسي على قبري… يطلع ميرامية

التزم الشاعر بتغيير الاسم حتى لا يقع في مشكلة من أعمامه وأقاربه، ولا يفضح حبة المستمر رغم الانفصال، وانتشرت الأغنية بشكل كبير حتى بعد الهجرة، وصارت متداولة كتراث، وإرث ثقافي فلسطيني.

تم تغيير العديد من كلماتها لأكثر من مرة لتناسب، الاحتفال، فجعلوها عن قصيدة عن الحب والمقاومة والتضحية، والفدائي. هناك الكثير من النصوص التي تتبع كلمة جفرا؛ كبصمة تراثية أصيلة ووشم محفور في ذاكرة الكل الفلسطيني أينما حل.

لقي “جفرا” صدى عميق لدى الجماهير، والتي ضربت على وتر حساس في قلوب المستمعين أينما حلوا، دفعت سلاسة كلمات أحمد الحسين، إلى جانب الألحان المؤرقة التي رافقتها. الناس إلى عالمه المليء بالحب والضياع. تستمر الأغاني في الاعتزاز بها كدليل على عمق المشاعر الإنسانية وقوة التعبير الفني.

الموهبة كشفاء للجروح:

مر الوقت، وجد أحمد العزاء في مساعيه الإبداعية، استخدم موهبته في شفاء جروح قلبه المكسور. ولإيجاد هدف من ألمه، من خلال رحلته الفنية تعلم دروسًا قيمة.

 حول قصائد الحب، والمقاومة له، والمرونة في تقبله. وتعقيد العلاقات الإنسانية. بينما بقيت ندوب الحب المفقود، رغم ذلك أظهر أحمد شجاعته، وكان شعره بمثابة شهادة على القوة التحويلية للفن.

كانت هذه الرواية الأولى التي اعتمدت عليها المصادر، في نقل قصة “جفرا” التي أتت من الماضي البعيد، وأحييت تراث فلسطين بكلماتها.

الرواية الثانية لجفرا:

رواية مختلفة بكل تفاصيلها، قصيدة تحمل الحب والمقاومة، التي اتجهت بلغتها نحو الفصحى، فأنتجت لنا نصاً لا يحمل من سابقه إلا المسمى “جفرا”.

اشتهر النص على المستوى الفلسطيني، والعالمي والعربي بعد عام 1979م، حين نشر الشاعر

“عز الدين المناصرة” المولود عام 1946م في قرية “بني نعيم”. قصيدته التي كتبها ل”جفرا النابلسي” في مجلة لبنانية، والتي كانت بعنوان “جفرا الوطن المسبي”.

 جفرا طالبة فلسطينية تدرس بإحدى الجامعات اللبنانية، ووصفت بأنها (بارعة الجمال)، أحبها شاعرنا واقتربت قصتهما أن تتوج بالزواج، لكنها استشهدت قبل إتمام الخطوبة حتى، حيث قصفتها طائرات الاحتلال.

انتهت قصة حبهما، وولدت قصيدة من وسط قلب معذب، وضعت بالكلمات كل مشاعرها، وانتجت قصيدة ترجمت إلى أكثر من 200 لغة انتشرت حول العالم من بعد العام 1982 لأنها كانت تصف واقعاً. وترصد حقيقة، وتجسد مشهداً يمجز في قصيدة الحب والمقاومة، وكانت كلماتها..

أرسلت لي دالية…وحجارة كريمة

من لم يعرف جفرا…فليدفن رأسه

من لم يعشق جفرا…فليشنق نفسه

فليشرب كأس السم العاري يذوي…يهوي.. ويموت

جفرا جاءت لزيارة بيروت…

هل قتلوا جفرا عند الحاجز، هل صلبوها في التابوت…

الواقع الفلسطيني كان أكبر من كل القصائد، جسد روح الشهادة الحية في قصيدة، أنتجت لنا هذا التجسيد الرائع من الكلمات، وذهب الشاعر ومحبوبته. وبقت السيرة حاضرة.

الخاتمة:(جفرا قصيدة حب ومقاومة تروي تاريخ فلسطين)

تقف قصة “جفرا” شاهداً على الأثر العميق للحب، والخسارة، والتعبير الفني على حياتنا، وتجسيداً لأدب المقاومة، وذلك تخليداً لأسماء كان لها بصمتها في تاريخ فلسطين الحديث، لنجد بين طياتها المواساة تمتزج بالفخر، والحب يمتزج بالحزن، والكثير من المشاعر المختلطة..

في طيات الخبز يتجدد الحنين…. حكاية قصيدة إلى أمي” من قلب السجن…تولد قصيدة”

في طيات الخبز يتجدد الحنين…. حكاية قصيدة إلى أمي” من قلب السجن…تولد قصيدة” وأنا السجين الذاهب إلى زيارتي مثقلاً بالكسل…والزائرة أمي ولكن لما أتت فما الفرق إن غِبت أو حضرت؟؟ فأنا من بين اخوتي رقماً وسطياً منسي…لماذا سيفتقدونني إن غيبتني قضبان السجان؟؟؟

 هذا ما كنت أحدث به نفسي؛ إلى أن أخبرني صوت أمي، ورائحة خبزها وذاكرتها التي جلبت لي القهوة التي أحب؛ أني لست الأوسط المنسي أنا اسم جميل على شفتيها. أنا محمود درويش ابن أمي لي جزء واسع من قلبها…هذه قصيدتي ومن هناك بدأت حكايتها.. من سجن الرملة البعيد..

 قصيدة “أحن إلى خبز أمي” للشاعر الفلسطيني محمود درويش. تعد واحدة من أبرز القصائد العربية الحديثة التي تعبّر عن الحنين والتعلق بالأم والبيت والذكريات. تمتاز هذه القصيدة ببساطتها. وعفويتها في التعبير. وفي الوقت ذاته تحمل في طياتها عمق العاطفة والمشاعر…

تبدأ القصيدة بسرد تفاصيل بسيطة وعادية في الحياة اليومية كالخبز الذي تعده الأم وقهوتها الصباحية. لكن بتصويره لها تجاوز شاعرنا الجانب المادي والظاهر منها، وابتعد بنا ليصف رائحته كأنها ملاذه الآمن الذي يتوق الرجوع اليه لإحياء طفولته من جديد، وليشعر بأمان غيبه السجن في طيات الخبز يتجدد الحنين

نشعر بتناغم الكلمات في القصيدة بشكل سهل معقد. حيث يستخدم الشاعر الألوان، والصور البصرية لينقل الحالة التي هو عليها بطريقة مختلفة، فعبارة “والرصيف يقول: لا تنسى” تعكس تأثير الذكريات في حياة الشاعر. حيث يستحضر دائمًا الأيام الجميلة ويعيشها مرة أخرى في خياله.

الخبز:

يعتبر الخبز في هذه القصيدة رمزًا قويًا للمنزل والأم والعائلة، فهو الذي يذكر الشاعر بالروتين اليومي الذي كان يعيشه ولم يدرك حينها كم السعادة التي كانت تغمره ومقدار الحب داخل هذه التفاصيل. فعبّر الشاعر عن تلك اللحظات الجميلة التي تمتاز بالسلام والاطمئنان، وصنعت كلماته حالة من الاشتياق لتلك الأيام.

في الأبيات الأخيرة من القصيدة تظهر المشاعر القوية وعمق العاطفة. معلناً بها عن رغبته في العودة إلى تلك الأوقات والعيش معها مرة أخرى.

قصيدة “أحن إلى خبز أمي”؛ من القصائد التي جسدت بشكل رائع معالم الحب للأم، بتفاصيل صغيرة ربما لا يعيرها الشخص العادي اهتماماً، جسدها محمود درويش بكلمات تمزج بين الحنان والقوة. وتصف عشقه لذاته كأنها جزء من روح أمه، والحفاظ عليها يعني حمايتها من الهم والحزن.

هي قصيدة أقل ما يقال عنها بأنها قيمة:

هي قصيدة أقل ما يقال عنها بأنها قيمة؛ زرعت في ذاكرة كل من قرأها حب العائلة كأنها وطن مصغر، إضافةً إلى الاحساس بحب، وعطف ورعاية الأم حتى لو انشغلت بكثرة مهامها وتزايد عدد أطفالها. فسيبقى لكل منهم حب كبير في قلبها.

أقل ما يقال عن قصائد درويش، أنها روح المكان والزمان الحاضرة رغم الغياب. والراسخة كذاكرة وطن، المشتاقة للسلام داخل كل حرب، المنتشرة عبيراً رغم كل دخان المدن المحترقة…رحمك الله محمود درويش…

يمكنك مشاهدة الحلقة كاملة على اليوتيوب: