تتكشف قصص عميقة عن الطفل الفلسطيني وشجاعته, وصموده في قلب منطقة تعيش أكثر الصراعات استدامة، وتعقيداً في العالم، بطل هذه القصص التي لم تروى بعد الطفل الفلسطيني، وشجاعته، بعيداً عن وهج عناوين الأخبار العالمية.
تخوض هذه الأرواح حياتها في ظل عدم اليقين، وتواجه المصاعب التي من شأنها أن تضعف، وتنهك القوى، يقف الطفل الفلسطيني بشجاعته في مواجهة الشدائد شامخًا، ويظهر صبراً غير عادية، وغالبًا ما يتم التغاضي عن ذكرها وتداولها.
يعتبر أطفال فلسطين شهادات حية على الروح الإنسانية التي لا تقهر، إن تجاربهم، وأحلامهم، وتطلعاتهم متنوعة مثل المشهد الفلسطيني نفسه، إذا ما بدأناه من شوارع رام الله الصاخبة، إلى مخيمات اللاجئين في غزة، نجده منسوج معًا بخيط مشترك يكشف شجاعة الطفل الفلسطيني، ويوحد سعيه نحو مستقبل أفضل.
طفولة ترسم ملامحها حالة الصراع المستمرة:
نشأ الأطفال الفلسطينيون على مدى الأجيال، وسط الصراع. والاحتلال والنزوح، ولدوا في بيئة من عدم اليقين. والعنف، وشهدوا عن كثب تأثير الحرب على أسرهم، ومنازلهم. ومجتمعاتهم.
كما اضطر الأطفال الفلسطينيون للتعايش مع تتالي العمليات العسكرية، والغارات الجوية، والاشتباكات المستمرة، مما يؤدي إلى إصابات جسدية، وصدمات نفسية. أثرت على الطفل الفلسطيني، وشجاعته.
كما ان العديد منهم عانا من التهجير القسري، وأجبروا على ترك منازلهم، والعيش في مخيمات اللاجئين، أو غير ذلك من ظروف النزوح مع أهلهم، وهذا ما أشارت اليه بيانات التقرير السنوي الصادر عن مؤسسات الأسرى، أن عدد حالات الاعتقال خلال عام 2022 وصلت إلى 7000 حالة اعتقال ما زال منهم 4,700 أسير في سجون الاحتلال، وبلغ عدد حالات الاعتقال للأطفال (دون 18 سنة) 882 حالة اعتقال، ما زال منهم 150 طفلاً في سجون الاحتلال، بينهم 7 أطفال معتقلين إدارياً، حيث يعيشون ظروفاً اعتقاليه تخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل. وفي حالة حرمان من طفولتهم بما فيه مواصلة دراستهم، فيما ارتقى 56 طفلاً شهيداً خلال عام 2022
و17 طفلاً شهيداً حتى الأول من نيسان من العام الجاري.
الجدير ذكره أن النشأة في خضم الصراع المستمر، وعدم الاستقرار السياسي، والاقتصادي، والأمني يخلق جواً من الخوف، وانعدام الأمن للأطفال بشكل عام.
تعد الجهود المبذولة لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتعزيز السلام، والعدالة في المنطقة أمر بالغ الأهمية؛ لتحسين الظروف التي ينشأ فيها الأطفال الفلسطينيون. من خلال خلق بيئة أكثر استقرارًا. وأمانًا، تكون هناك فرصة أفضل لهؤلاء الأطفال ليحظوا بطفولة خالية من عبء الشدائد الهائلة، وأن يساهموا في التطور، ويكونوا نواة البناء للوطن، ويصبح لديهم أمل في مستقبل أكثر إشراقًا .
متابعة التعليم وسط الفوضى:
تدرك الأسرة الفلسطينية قيمة التعليم كوسيلة لتحسين حياتهم، والعمل من أجل مستقبل أفضل. حيث يُظهر الأطفال الفلسطينيون صمودًا. وتصميمًا هائلين على مواصلة تعليمهم. حتى في مواجهة العنف والتهجير والاضطرابات الناجمة عن الصراع، يُنظر إلى التعليم على أنه وسيلة لتمكين أنفسهم ومجتمعاتهم. حيث أشارت بيانات وزارة التربية والتعليم الأولية للعام الدراسي 2022/2023 إلى أن عدد طلبة المدارس في فلسطين قد بلغ حوالي 1.388 مليون طالب وطالبة منهم 1.116 مليون طالب وطالبة في المرحلة الأساسية. منهم نحو 51% ذكور مقابل 49% إناث، و272 ألف طالب وطالبة في المرحلة الثانوية منهم 45% ذكور مقابل 55% إناث . فغالبًا ما يؤدي الصراع المستمر إلى إغلاق المدارس وتعطيل التقويمات الأكاديمية، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية التعليمية، قد يواجه الأطفال أيضًا تحديات في الوصول إلى المدارس بأمان بسبب نقاط التفتيش، والقيود المفروضة على الحركة .
مازال ضمان الحصول على تعليم جيد يمثل تحديًا كبيرًا في الأراضي الفلسطينية، الموارد المحدودة، واكتظاظ الفصول الدراسية، ونقص المعلمين المدربين يمكن أن يعيق عملية التعلم.
بذل المجتمع الدولي للكثير من الجهود لدعم التعليم في الأراضي الفلسطينية، وضمان سلامة الأطفال ورفاههم، وتعزيز التعايش السلمي الذي من شأنه تحسين البيئة التعليمية على الرغم من فوضى الصراع،’ وبالتالي يساعد في توفير بيئة تعليمية مستقرة، وراعية للأطفال الفلسطينيين على تطوير إمكاناتهم، والمساهمة في مجتمعاتهم، وتصور مستقبل يتجاوز المحن التي يواجهونها.
عمالة الأطفال أمام أحلامهم وتطلعاتهم:
عمالة الأطفال ظاهرة مقلقة للغاية، ويعود السبب فيها الى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وما ينتج عنه من صعوبات اقتصادية كبيرة في الأراضي الفلسطينية. بما في ذلك ارتفاع مستويات البطالة. والفقر، في مثل هذه الظروف العصيبة، قد تشعر العائلات بأنها مضطرة لإرسال أطفالها للعمل لزيادة دخل الأسرة. وبالتالي يحرمون من حقهم في طفولة لائقة، يمكن أن يكون لها آثار ضارة على صحتهم الجسدية. والعقلية.
حيث يضطرون إلى تحمل مسؤوليات الكبار في سن مبكرة، وغالبًا ما تمنع عمالة الأطفال من الوصول إلى التعليم، أو الذهاب إلى المدرسة بانتظام. فيمكن لنقص التعليم أن يعيق تطورهم الشخصي. ويحد من فرصهم المستقبلية. كما يتعرض الأطفال العاملون للاستغلال، وسوء المعاملة من قبل أرباب العمل، وقد يتعرضون لظروف عمل قاسية وأجور متدنية؛ حيث تشير إحصاءات “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” الصادرة في شباط 2023 (النتائج الاساسية لمسح القوى العاملة، للعام 2022)؛ وجاء فيها: “حوالي 2.5% نسبة الأطفال العاملين في الفئة العمرية (10-17) سنة خلال 2022؛ وذلك بواقع 3.8% في الضفة الغربية؛ و0.9% في قطاع غزة .
بالنسبة للعديد من الأطفال، تصبح العمالة وسيلة للبقاء، وليس طريقًا لتحقيق أحلامهم، وتطلعاتهم، يمكن أن يؤدي غياب التعليم، والوصول إلى الفرص المناسبة؛ إلى استمرار دورات الفقر.
تتطلب معالجة قضية عمالة الأطفال في الأراضي الفلسطينية جهودًا شاملة للتخفيف من حدة الفقر، وتحسين الظروف الاقتصادية، وضمان الحصول على تعليم جيد. كما ويجب اتخاذ تدابير لإنفاذ قوانين عمالة الأطفال، وزيادة الوعي بالآثار السلبية لتلك الظاهرة على رفاه الأطفال، وآفاقهم المستقبلية، من خلال الاستثمار في تعليم، ورفاهية الأطفال الفلسطينيين، يمكننا مساعدتهم على التحرر من دائرة الفقر، وتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم في بيئة آمنة ورعاية شاملة.
أطفال فلسطين سفراء سلام:
يظهر الأطفال الفلسطينيون كسفراء للسلام. متجاوزين حواجز الكراهية، وانعدام الثقة، حيث أصبحت براءتهم، ونقائهم قوة قوية للوحدة؛ مما يعزز الروابط مع أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة، حيث يمكن للأطفال الفلسطينيين المشاركة في برامج تعليم السلام التي تعزز التفاهم، والتسامح بين المجتمعات المختلفة. كما ويمكن أن يساهم التعرف على ثقافاتهم، وتاريخهم، ووجهات نظرهم في بناء جسور من التعاطف،
الأطفال الفلسطينيين. ونظرائهم الإسرائيليين:
والرحمة. ويؤدي تشجيع برامج الحوار المتبادل بين الأطفال الفلسطينيين. ونظرائهم الإسرائيليين إلى تعزيز التواصل، وتبديد الصور النمطية، وبناء صداقات عبر الانقسامات. ومن المهم للأطفال الفلسطينيين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا لمشاركة قصص السلام. والتواصل مع أقرانهم على مستوى العالم. والدعوة إلى مستقبل سلمي .
يمكن للمنظمات الدولية. والحكومات. والمنظمات غير الحكومية أن تلعب دورًا حيويًا في دعم المبادرات التي تمكّن الأطفال الفلسطينيين كسفراء للسلام، يجب أن تكون هذه الجهود جزءًا من استراتيجية أوسع لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتعزيز سلام عادل، ودائم لجميع الأطراف المعنية. من خلال الاستثمار في إمكانات الأطفال، بالتالي يمكننا رعاية جيل ملتزم ببناء مستقبل قائم على التفاهم. والاحترام. والتعايش.
الفن كوسيلة للتعبير:
بالنسبة للعديد من الأطفال الفلسطينيين، يصبح الفن متنفسًا لمعالجة مشاعرهم وتجاربهم، على الرغم من تعرضهم لصدمة لا يمكن تصورها، فإنهم يتجهون إلى الإبداع لشفاء قلوبهم الجريحة. والتعبير عن توقهم إلى العيش السلمي. أعمالهم الفنية المليئة بالألوان الزاهية، والرمزية المؤثرة. بمثابة تذكير دائم بمرونة الروح البشرية.
الرسم والتلوين:
الرسم والتلوين من الوسائط الفنية الشائعة التي يستخدمها الأطفال لتصوير حياتهم اليومية، ورسم العلم الفلسطيني وتجاربهم في الصراع وأحلامهم المستقبلية. قد يستخدمون ألوانًا. وصورًا نابضة بالحياة للتعبير عن آمالهم وتطلعاتهم, حيث يصنع الأطفال، والفنانون الفلسطينيون الجداريات. وفنون الشوارع التي تعكس هويتهم الثقافية. ومقاومتهم، ورغبتهم في السلام، ويمكن رؤية هذه الجداريات على المباني في جميع أنحاء البلدات الفلسطينية، ومخيمات اللاجئين.
الشعر:
أما الشعر فهو شكل آخر من أشكال الفن يستخدمه الأطفال الفلسطينيون للتعبير عن مشاعرهم. وأفكارهم حول تجاربهم، يمكن للقصائد أن تنقل الشعور بالشوق، والأمل. والرغبة في مستقبل أفضل.
خلال الفن، لا يجد الأطفال الفلسطينيون صوتًا فحسب. بل يساهمون أيضًا في حوار أوسع حول حياتهم، والوضع في وطنهم، حيث تمثل تعبيراتهم الفنية دعوة للاهتمام. والتعاطف والدعم من المجتمع الدولي، مما يلفت الانتباه إلى تجاربهم وتطلعاتهم. ويصبح الفن أداة للصمود والمقاومة.
النزوح والخسارة، جعلت أطفال فلسطين يتحملون، واقعهم بقوة تتناقض مع سنوات عمرهم،
ينهضون كل يوم بعناد لتحقيق أحلام تتجاوز القيود المفروضة عليهم. مع ثقل المسؤولية على أكتافهم. فهم يتبنون دور سفراء السلام. مستخدمين الفن كوسيلة عميقة لمشاركة قصصهم مع العالم.
يتردد صدى ضحكهم في الشوارع الضيقة. ومخيمات اللاجئين، وهو شهادة على الفرح الذي يحملونه داخلهم. تمتلئ عيونهم المشرقة بأحلام مستقبل خالٍ من أعباء الصراع. حيث يسود السلام. والتعايش، وتبقى آمالهم الدافع الأقوى الذي يدفعهم للبحث عن المعرفة، والتعلم. والنمو على الرغم من العقبات التي تحيط بهم.
Pingback: حنظلة: أيقونة المقاومة الفلسطينية - قزدورة qazdoura
Pingback: في طيات الخبز يتجدد الحنين.... حكاية قصيدة إلى أمي" من قلب السجن...تولد قصيدة" - قزدورة qazdoura
Pingback: علم فلسطين.. رمزية للصمود كل لون فيه يحمل شعار مقاومة - قزدورة qazdoura