موسم البلح في فلسطين …. تجسيد للتراث والصمود على الأرض

يتقدم فصل الخريف بتساقط أوراقه، وهوائه المنعش ليحمل موسم التجمع والسهر والضحكات، فيأتي موسم البلح في فلسطين كفترة ساحرة تحتضنها الأرض بكل عناية. يأتي موسم البلح كل عام ليعلن عن وصول فصل الخير والغنى، حيث يتمتع البلح بجماله، وفوائده الصحية العديدة، ولذلك كان يعتبر فاكهة الخلود التي تحمل طقوساً وتقاليد قديمة، تشهد عليها أيادي العاملين في حقول، البلح وأصواتهم المبتهجة وجهودهم المتواصلة.
يشهد السوق والساحات في كل الأنحاء وجود فاكهة البلح المعطرة بأيدي الفلاحين الفلسطينيين وتعبهم، ويستفيد من كان يجهز محصوله لذلك، وتتجهز السيدات للبدء بعمل العجوة وتعبئتها والاحتفاظ بها للمواسم التالية كالأعياد.

تاريخ موسم البلح:

يعود موسم البلح في فلسطين لآلاف السنين، حيث يُعتبر البلح جزءًا مهماً من التراث الزراعي، والثقافي في المنطقة، يعتبر فلسطين موطنًا لمجموعة متنوعة من أصناف البلح، التي تزرع في مناطق مختلفة من البلاد، مثل الأراضي المنخفضة والساحلية والجبلية.

مناطق انتشار زراعة النخيل في فلسطين:

تنتشر زراعة النخيل، في الأراضي الفلسطينية، في منطقة أريحا، والأغوار وقطاع غزة، ومن المعروف أن أريحا أطلق عليها تاريخيا اسم “مدينة النخيل”، لكثرة مزارع النخيل فيها، وتشهد زراعة البلح في فلسطين لتشمل تحسين أصناف البلح، وتكاثرها وتوسيع مساحات الزراعة.

موسم قطف البلح:

يبدأ موسم البلح في فلسطين عادةً في فصل الخريف، حيث يتم جمع الثمار الناضجة، يتم قطف البلح يدويًا وتحتاج عملية الحصاد إلى مهارة خاصة لاختيار الثمار الناضجة وتفادي التلف، يُعتبر البلح من أهم المحاصيل الزراعية في فلسطين، حيث يُصدر إلى العديد من الدول حول العالم.

كما يعتبر موسم البلح في فلسطين أيضًا فرصة للاحتفال والتقارب الاجتماعي، حيث تُنظم مهرجانات، وأسواق محلية لبيع البلح ومنتجاته، وتُقدم أطباق تقليدية شهية تحتوي على البلح كمكون رئيسي.

الخطوات المتبعة لموسم الحصاد:

يعتبر موسم حصاد البلح واحد من أصعب المواسم الزراعية، حيث يتطلب الكثير من العمل والتحمل، فيتم حصاده عندما يكون ناضجًا وجاهزًا للقطف، وهذا يتطلب العديد من

الخطوات والجهود لضمان جودة الحصاد:

أولاً: يجب على المزارعين التخطيط للحصاد وتحديد التوقيت المثالي، يتم ذلك بمراقبة البلح ومراقبة مستوى نضجه، يعتمد ذلك على عوامل مثل لون الثمرة وقوامها وحجمها، فعندما يكون البلح جاهزًا للحصاد، يتم البدء في التجهيز للعمل.
ثانيًا: يتطلب حصاد البلح استخدام أدوات ومعدات خاصة، عادةً ما يستخدم المزارعون سلالات أو صناديق خشبية لجمع البلح وتخزينه، كما يحتاجون إلى أدوات قطف مثل سكاكين خاصة لقطع السنابل من الأشجار، هذه الأدوات يجب أن تكون حادة وفعالة لتسهيل عملية الحصاد.
ثالثًا: يجب على المزارعين تنظيف، وتجهيز الأشجار قبل الحصاد، يقومون بإزالة الأوراق، والفروع الزائدة وأي أجزاء غير صالحة للاستخدام، هذا يساعد على تسهيل عملية الحصاد، وتجنب تلف الثمار.

أيام مبهجة ومليئة بالفرحة:

يعتبر موسم البلح في فلسطين موسماً مميزاً، حيث يجمع بين العمل الزراعي، والتراث الثقافي والتواصل الاجتماعي، إنها فترة ينتظرها الناس بشغف، وتجسد أهمية البلح في حياة الفلسطينيين، وتعبّر عن فرحتهم واحتفالهم بهذا الموسم الخاص.
فأثناء موسم البلح، تنطلق مجموعات من العائلات، والأصدقاء إلى البساتين لجني الثمار؛ فيصبح البستان مكانًا للتفاعل، والتواصل الاجتماعي، حيث يشترك الجميع في العمل، ويساعدون بعضهم البعض في جني الثمار، وتنظيفها وتجهيزها للتخزين، تتجلى روح الجماعة والتضامن في هذه الفترة، وتقوي أواصر العلاقات بين الأجيال.

موسم الاحتفال بالهوية الفلسطينية:

من المهم أيضًا أن نذكر أن موسم البلح يمثل مناسبة للاحتفال بالموارد الطبيعية، والثروات المحلية، ويعكس هذا الموسم التوازن بين الإنسان والبيئة، حيث يتعامل الفلاحون بعناية مع الأشجار، والتربة للحصول على ثمار ذات جودة عالية. بذلك يسهم موسم البلح في تعزيز الاستدامة البيئية والزراعة المستدامة.

إلى جانب الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، يتيح موسم البلح للفلسطينيين فرصة للاحتفال بهويتهم وتراثهم، كما ويجتمع الناس لتبادل القصص والتجارب، ويتم تقديم وجبات تقليدية مشتملة على البلح لتعزيز هذه الروح الثقافية والتراثية.

موسم البلح ” موسم تصنيع العجوة “

يعتبر موسم البلح فترة يتم فيها جني ثمار النخيل، وتصنيعها وتحويلها إلى منتجات مثل العجوة، ويعد البلح نوع من الفاكهة اللذيذة والغنية بالعناصر الغذائية مثل الفيتامينات، والمعادن والألياف.

فعندما يصل إلى مرحلة نضجه، يتم جنيه من النخيل وتفرز الثمار حسب نوعها وجودتها، ثم يتم تصنيف الثمار حسب حجمها ونضجها وتطهيرها وتنظيفها، بعد ذلك يتم تجفيف الثمار لفترة من الوقت للتخلص من الرطوبة وزيادة فترة صلاحيتها، وبعد تجفيف الثمار، يتم طحنها وخلطها مع مكونات أخرى مثل المكسرات والعسل والتوابل، ويتم تشكيل الخليط إلى قوالب أو قطع صغيرة، ثم يتم إجراء عملية الصناعة بعناية للحفاظ على جودة العجوة ومذاقها الفريد.

تعتبر العجوة من الحلويات الشهيرة في العالم العربي وتعتبر وجبة خفيفة مغذية ومليئة بالطاقة، إنها ذات قيمة غذائية عالية وتعتبر مصدرًا جيدًا للحديد، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، يعتبر تناول العجوة خلال موسم البلح طريقة رائعة للاستفادة من فوائد هذه الفاكهة اللذيذة.

أهمية البلح في الغذاء والثقافة:

يعتبر البلح فاكهة لذيذة ومغذية ولها أهمية كبيرة في الغذاء والثقافة، لكن ما هي الأسباب التي تجعله مهم؟

قيمة غذائية عالية: يعتبر البلح مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية المهمة مثل الألياف، والبوتاسيوم والحديد والكالسيوم والمغنيسيوم وفيتامينات متنوعة، مثل فيتامين سي وفيتامين أي وفيتامين كاي، حيث يعتبر البلح طعامًا مثاليًا لتلبية احتياجات الجسم اليومية.
طعم لذيذ: يتميز البلح بطعمه الحلو واللذيذ، وهذا يجعله خيارًا مثاليًا لإضافته إلى العديد من الأطباق والوجبات المختلفة، يمكن تناول البلح كوجبة خفيفة، أو إضافته إلى السلطات والحلويات والوجبات الرئيسية.

استخدامه في الثقافة: يحتل البلح مكانًا مهمًا في العديد من الثقافات حول العالم، ففي العديد من البلدان العربية، يعتبر البلح رمزًا للتراث والثقافة، ويستخدم في العديد من الأطباق التقليدية والمناسبات الاجتماعية ، كما يتم استخدام البلح في العديد من المشروبات والحلويات التقليدية.
فوائد صحية: يحتوي البلح على العديد من الفوائد الصحية، حيث يعمل على تعزيز صحة القلب والجهاز الهضمي وتقوية العظام وتحسين صحة الجلد وتعزيز جهاز المناعة.
مدة الصلاحية الطويلة: يمتاز البلح بقابليته للتخزين لفترة طويلة دون أن يتأثر طعمه أو جودته، يمكن تخزين البلح في درجة حرارة الغرفة لعدة أشهر، مما يجعله خيارًا مثاليًا للتخزين والاستهلاك على مر الفصول.

ختاما:

يجدر بنا التأكيد على أهمية هذا الموسم الحيوي في حياة الكثير من الناس، والمجتمعات، فقد أظهرت دراسات عديدة أن موسم حصاد البلح يعتبر لحظة فارقة في تحقيق الاستدامة الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية.
كما وتعتبر ثمار البلح من الثروات الطبيعية التي تتمتع بقيمة اقتصادية عالية، حيث يعتمد عليها الكثير من الأفراد، والمزارعين والمنتجين لتحقيق دخل مستدام، وتوفير فرص عمل في المناطق الريفية.
لذا، فإن موسم البلح في فلسطين يعد فرصة مهمة لتحقيق النمو المستدام، والتنمية الشاملة، ومن أجل استغلال هذه الفرصة بشكل أفضل، ينبغي على الحكومات، والمنظمات، والمجتمعات المحلية العمل معاً لتوفير الدعم اللازم للمزارعين، والمنتجين، وتعزيز الابتكار والبحث العلمي في مجال زراعة البلح.

15 فكرة عن “موسم البلح في فلسطين …. تجسيد للتراث والصمود على الأرض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *