الدحية الفلسطينية التراث الفلسطيني هو الاغنى في الساحة العربية من حيث الدبكات، والرقصات الشعبية؛ وبذلك تعد هذه الفنون جزءً لا يتجزأ من حضارة وتاريخ المنطقة. وتعبر عن الحضارات المشتركة التي تربط كل منطقة جغرافية بأخرى.
ويرصد منها رقصة الدحة او الدحية، التي تعتبر من الفنون البدوية القديمة. ومحسوبة على أهل الشمال، نقول فيها كلمات، وعبارات لا تكون مفهومة خاصة للذين لم يعيشوا حياة البداوة او البدو.
فقديما كانت بدون موسيقى. وكانت تمارس قبل الحروب من باب تحفيزي؛ لإثارة الحماسة، ورفع المعنوية ومن ثم أصبحت عادة تمارس في المناسبات، والاعراس، والاحتفالات.
نشأة الدحية…
لو نتكلم عن أصل الدحية. ففي قصة متداولة أن هناك قافلة من قوافل الحجاج كانوا قلة. وجدو لصوص يراقبونهم، وهم نائمون بالليل فأوجسوا منهم خيفة؛ فاتفقت هذه المجموعة أن يقوموا بالتصفيق. ويصدرون أصوات كهدير الجمال لكي يعرفون اللصوص انهم كثر فيخافون، وفعلا نجحو في طرد اللصوص بهذه الطريقة ثم انتشرت الدحة كرقصة شعبية.
اما الفئة الثانية تقول ان الدحية انتشرت في هذا العصر. وهي مجرد لعبة ليس لها أي تاريخ، مثل اللقطة و”العرضة”، و”الدبكة”، وليست مقتصرة على قبيلة معينة بل تلعبها جميع قبائل شمال الأردن، وفلسطين.
كيفية أداء الدحية …
تؤدى بشكل جماعي من خلال اصطفاف الرجال بصف واحد، أو صفين متقابلين، ويغني الشاعر، أو “البداع”، المتواجد في منتصف أحد الصفين قصيدته المغناة؛ وهي كلمات بدوية تراثية. أحيانا يتواجد “الحاشي” او المحوشي أمام الصف أو بين الصفين، ويقوم برقصة المحوشي “المحوشاه”.
الدحية تتميز بالحماس في أدائها الحركي. والتنفسي حتى يتمكن من مجاراة باقي المشاركين، ويستعمل التصفيق كلون ايقاعي.
تطور رقصة الدحية في العصر الحديث…
شهدت الافراح في فلسطين في الآونة الأخيرة اختلافاً في طريقة الاحتفال. وفي الأنغام المتعارف عليها في الحفلات، والمناسبات، حيث اجتاحت الدحية البدوية هذه الافراح. وأصبح لا يمر فرح او مناسبة الا وكانت الدحية حاضرة.
يدل عل التمسك بالتراث، والاصالة مع بعض الإضافات الحديثة خاصة من ناحية الآلات الموسيقية التي لم تكن موجودة سابقاً، وهي ما أدى الى المزج بين القديم، والحديث على أنغام رقصة الدحية. ظهرت في فلسطين مؤخرا فرق موسيقية عدة تؤدي أغاني الدحية بأسلوب جديد يعتمد على الموسيقى، كما ظهرت مغنية فلسطينية بدوية من شمال فلسطين تؤدي هذا النوع من التراث في الحفلات.
ورغم أنها موروث شعبي قديم؛ إلا انها انتشرت بسبب التحديثات التي ادخلها بعض الشباب البدوي عليها، فصارت فنا تراثياً يربط بين القديم، والمعاصر، وانتشرت الفرق الحديثة التي تؤدي الدحية وكثر اقبال المتزوجين الجدد عليها. لأنها تقدم الألوان الشعبية التراثية المرتبطة بالأصالة. كما ان تكلفتها المادية اقل من الفرق التي يشارك فيها فنانين كبار.
وجهة نظر الشارع الفلسطيني في الدحية…
تشهد حفلات الدبكة والدحية اقبالا كبيرا من المواطنين. لمشاهدة تراث فلسطيني تعودوا على مشاهدته في مثل هذه المناسبات، في صورة تعكس تعلق الفلسطيني بتراثه، وارضه، ووطنه.
واجتاحت الدحية البدوية في الآونة الأخيرة الافراح. والمناسبات وصارت بعض المحلات، والسائقين، والباعة يشغلون مكبرات الأصوات بها لجلب الزبائن، والمواطنين اتجاه البضائع، والسلع.
لا تخلو حفلات الدحية من الموضوعات السياسية. والاجتماعية خاصة القضايا الفلسطينية مثل قضية الاسرى، والقدس، الأمر الذي أدى إلى إقبال شريحة كبيرة على هذا الفن. والتعامل معه، لأنه من الحياة اليومية للشارع الفلسطيني.
الخاتمة..
ستظل الدحية فن أصيل مستساغ من الناحية الجمالية من كافة الأطياف الفلسطينية، والفئات العمرية، وعدم اقتصاره على شريحة الأخوة البدو، بل تجده في كل مكان على الرغم من وجود التغيير عليها بما يتناسب مع العصر، كما أن الفلسطينيين يحرصون على توريث تراثهم الشعبي من جيل الى اخر. خوفا عليه من الطمس والضياع. وحفاظا على هويتهم من الاندثار.